﴿ وَكَذَالِكَ ﴾ عطف على كذلك نقص أي ومثل ذلك الإنزال ﴿ وَكَذَالِكَ أَنزَلْنَـاهُ قُرْءَانًا ﴾ [يوسف : ٢] بلسان العرب ﴿ وَصَرَّفْنَا ﴾ كررنا ﴿ فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [طه : ١١٣] يجتنبون الشرك ﴿ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ﴾ [طه : ١١٣] الوعيد أو القرآن ﴿ ذِكْرًا ﴾ عظة أو شرفاً بإيمانهم به وقيل " أو " بمعنى الواو.
﴿ فَتَعَـالَى اللَّهُ ﴾ [الأعراف : ١٩٠] ارتفع عن فنون الظنون وأوهام الأفهام وتنزه عن مضاهاة الأنام ومشابهة الأجسام ﴿ الْمَلِكُ ﴾ الذي يحتاج إليه الملوك ﴿ الْحَقُّ ﴾ المحق في الألوهية.
ولما ذكر القرآن وإنزاله قال استطراداً : وإذا لقنك جبريل ما يوحى إليك من القرآن فتأن عليك ريثما يسمعك ويفهمك ﴿ وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْءَانِ ﴾ [طه : ١١٤] بقراءته ﴿ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ ﴾ [طه : ١١٤] من قبل أن يفرغ جبريل من الإبلاغ ﴿ وَقُل رَّبِّ زِدْنِى عِلْمًا ﴾ [طه : ١١٤] بالقرآن ومعانيه.
وقيل : ما أمر الله رسوله بطلب الزيادة في شيء إلا في العلم.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٣
﴿ وَلَقَدْ عَهِدْنَآ إِلَى ءَادَمَ ﴾ أي أوحينا إليه أن لا يأكل من الشجرة.
يقال في أوامر الملوك ووصاياهم تقدم الملك إلى فلان وأوصى إليه وعزم عليه وعهد إليه، فعطف قصة آدم على ﴿ وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ ﴾ [طه : ١١٣] والمعنى وأقسم قسماً لقد أمرنا أباهم آدم ووصيناه أن لا يقرب الشجرة ﴿ مِّن قَبْلِهِ ﴾ [يوسف : ٦] من قبل وجودهم فخالف إلى ما نهي عنه كما أنهم يخالفون يعني أن أساس أمر بني آدم على ذلك وعرقهم راسخ فيه ﴿ فَنَسِىَ ﴾ العهد أي النهي والأنبياء عليهم السلام يؤاخذون بالنسيان الذي لو تكلفوا لحفظوه ﴿ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا ﴾ [طه : ١١٥] قصداً إلى الخلاف لأمره أو لم يكن آدم من أولي العزم.
والوجود بمعنى العلم ومفعولاه ﴿ لَهُ عَزْمًا ﴾ [طه : ١١٥] أو بمعنى نقيض العدم أي وعد منا له عزما و ﴿ لَهُ ﴾ متعلق بـ ﴿ نَجِدْ ﴾ ﴿ وَإِذْ قُلْنَا ﴾ [البقرة : ٥٨] منصوب بـ " اذكر " ﴿ لِلْمَلَـائكَةِ اسْجُدُوا لادَمَ ﴾ [البقرة : ٣٤] قيل : هو السجود اللغوي الذي هو الخضوع والتذلل أو كان آدم كالقبلة لضرب تعظيم له فيه
١٠٣
﴿ فَسَجَدُوا إِلا إِبْلِيسَ ﴾ [طه : ١١٦] عن ابن عباس رضي الله عنهما أن إبليس كان ملكاً من جنس المستثنى منهم.
وقال الحسن : الملائكة لباب الخليقة من الأرواح ولا يتناسلون وإبليس من نار السموم.
وإنما صح استثناؤه منهم لأنه كان يصحبهم ويعبد الله معهم ﴿ أَبَى ﴾ جملة مستأنفة كأنه جواب لمن قال لم لم يسجد، والوجه أن لا يقدر له مفعول وهو السجود المدلول عليه بقوله ﴿ فَسَجَدُوا ﴾ وأن يكون معناه أظهر الإباء وتوقف
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٠٣
﴿ فَقُلْنَا يَـاـاَادَمُ إِنَّ هَـاذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ ﴾ حيث لم يسجد لك ولم ير فضلك ﴿ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ﴾ [طه : ١١٧] فلا يكونن سبباً لإخراجكما ﴿ فَتَشْقَى ﴾ فتتعب في طلب القوت ولم يقل " فتشقيا " مراعاة لرؤوس الآي، أو دخلت تبعاً، أو لأن الرجل هو الكافل لنفقة المرأة.
وروي أنه أهبط إلى آدم ثور أحمر وكان يحرث عليه ويمسح العرق من جبينه ﴿ إِنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا ﴾ [طه : ١١٨] في الجنة ﴿ وَلا تَعْرَى ﴾ [طه : ١١٨] عن الملابس لأنها معدة أبداً فيها ﴿ وَأَنَّكَ ﴾ بالكسر : نافع وأبو بكر عطفاً على " إن " الأولى، وغيرهما بالفتح عطفاً على ﴿ أَلا تَجُوعَ ﴾ [طه : ١١٨] ومحله نصب بـ " أن " وجاز للفصل كما تقول " إن في علمي أنك جالس " ﴿ لا تَظْمَؤُا فِيهَا ﴾ [طه : ١١٩] لا تعطش لوجود الأشربة فيها ﴿ وَلا تَضْحَى ﴾ [طه : ١١٩] لا يصيبك حر الشمس إذ ليس فيها شمس فأهلها في ظل ممدود.


الصفحة التالية
Icon