﴿ وَعَلَّمْنَـاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ ﴾ [الأنبياء : ٨٠] أي عمل اللبوس والدروع واللبوس اللباس والمراد الدرع ﴿ لِتُحْصِنَكُم ﴾ شامي وحفص أي الصنعة، وبالنون : أبو بكر وحماد أي الله عز وجل، وبالياء : غيرهم أي اللبوس أو الله عز وجل ﴿ مِّن بَأْسِكُمْ ﴾ [الأنبياء : ٨٠] من حرب عدوكم ﴿ فَهَلْ أَنتُمْ شَـاكِرُونَ ﴾ [الأنبياء : ٨٠] استفهام بمعنى الأمر أي فاشكروا الله على ذلك ﴿ وَلِسُلَيْمَـانَ الرِّيحَ ﴾ [الأنبياء : ٨١] أي وسخرنا له الريح ﴿ عَاصِفَةً ﴾ حال أي شديدة الهبوب ووصفت في موضع آخر بالرخاء لأنها تجري باختياره، وكانت في وقت رخاء وفي وقت عاصفة لهبوبها على حكم إرادته ﴿ تَجْرِى بِأَمْرِهِ ﴾ [ص : ٣٦] بأمر سليمان ﴿ إِلَى الارْضِ الَّتِى بَـارَكْنَا فِيهَا ﴾ [الأنبياء : ٧١] بكثرة الأنهار والأشجار والثمار والمراد الشام، وكان منزله بها وتحمله الريح من نواحي الأرض إليها ﴿ وَكُنَّا بِكُلِّ شَىْءٍ عَـالِمِينَ ﴾ [الأنبياء : ٨١] وقد أحاط علمنا بكل شيء فتجري الأشياء كلها على ما يقتضيه علمنا ﴿ وَمِنَ الشَّيَـاطِينِ ﴾ [الأنبياء : ٨٢] أي وسخرنا منهم ﴿ مَن يَغُوصُونَ لَهُ ﴾ [الأنبياء : ٨٢] في البحار بأمره لاستخراج الدر وما يكون فيها ﴿ وَيَعْمَلُونَ عَمَلا دُونَ ذَالِكَ ﴾ [الأنبياء : ٨٢] أي دون الغوص وهو بناء المحاريب والتماثيل والقصور والقدور والجفان ﴿ وَكُنَّا لَهُمْ حَـافِظِينَ ﴾ [الأنبياء : ٨٢] أن يزيغوا
١٣١
عن أمره أو يبدلوا أو يوجد منهم فساد فيما هم مسخرون فيه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣١
﴿ وَأَيُّوبَ ﴾ أي واذكر أيوب ﴿ إِذْ نَادَى رَبَّهُا أَنِّى ﴾ [الأنبياء : ٨٣] أي دعا بأني ﴿ مَسَّنِىَ الضُّرُّ ﴾ [الأنبياء : ٨٣] الضر بالفتح الضرر في كل شيء وبالضم الضرر في النفس من مرض أو هزال ﴿ وَأَنتَ أَرْحَمُ الراَّحِمِينَ ﴾ [الأعراف : ١٥١] ألطف في السؤال حيث ذكر نفسه بما يوجب الرحمة وذكر ربه بغاية الرحمة ولم يصرح بالمطلوب فكأنه قال : أنت أهل أن ترحم وأيوب أهل أن يرحم فارحمه واكشف عنه الضر الذي مسه.
عن أنس رضي الله عنه : أخبر عن ضعفه حين لم يقدر على النهوض إلى الصلاة ولم يشتك وكيف يشكو من قيل له ﴿ إِنَّا وَجَدْنَـاهُ صَابِرًا نِّعْمَ الْعَبْدُ ﴾ [ص : ٤٤] وقيل : إنما شكا إليه تلذذاً بالنجوى لا منه تضرراً بالشكوى، والشكاية إليه غاية القرب كما أن الشكاية منه غاية البعد ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ ﴾ [الأنبياء : ٨٤] أجبنا دعاءه ﴿ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ﴾ [الأنبياء : ٨٤] فكشفنا ضره إنعاماً عليه ﴿ فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا ﴾ [الأنبياء : ٨٤] روي أن أيوب عليه السلام كان رومياً من ولد إسحاق بن إبراهيم عليه السلام وله سبعة بنين وسبع بنات وثلاثة آلاف بعير وسبعة الاف شاة وخمسمائة فدان يتبعها خمسمائة عبد، لكل عبد امرأة وولد ونخيل، فابتلاه الله تعالى بذهاب ولده وماله وبمرض في بدنه ثماني عشرة سنة أو ثلاث عشرة سنة أو ثلاث سنين، وقالت له امرأته يوماً : لو دعوت الله عز وجل.
فقال : كم كانت مدة الرخاء؟ فقالت : ثمانين سنة.
فقال : أنا أستحي من الله أن أدعوه وما بلغت مدة بلائي مدة رخائي.
فلما كشف الله عنه أحيا ولده بأعيانهم ورزقه مثلهم معهم ﴿ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا ﴾ [الأنبياء : ٨٤] هو مفعول له ﴿ وَذِكْرَى لِلْعَـابِدِينَ ﴾ [الأنبياء : ٨٤] يعني رحمة لأيوب وتذكرة لغيره من العابدين ليصبروا كصبره فيثابوا كثوابه.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٢
﴿ وَإِسْمَـاعِيلَ ﴾ بن إبراهيم ﴿ وَإِدْرِيسَ ﴾ بن شيت بن آدم ﴿ وَذَا الْكِفْلِ ﴾ [الأنبياء : ٨٥] أي اذكرهم وهو الياس أو زكريا أو يوشع بن نون، وسمي به لأنه ذو الحظ من الله
١٣٢
والكفل الحظ ﴿ كُلٌّ مِّنَ الصَّـابِرِينَ ﴾ [الأنبياء : ٨٥] أي هؤلاء المذكورون كلهم موصوفون بالصبر
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٢
﴿ وَأَدْخَلْنَـاهُمْ فِى رَحْمَتِنَآ ﴾ [الأنبياء : ٨٦] نبوتنا أو النعمة في الآخرة ﴿ إِنَّهُم مِّنَ الصَّـالِحِينَ ﴾ [الأنبياء : ٨٦] أي ممن لا يشوب صلاحهم كدر الفساد.