تأنيث الأحسن وهي السعادة أو البشرى بالثواب أو التوفيق للطاعة فنزلت جواباً لقول ابن الزبعري عند تلاوته عليه السلام على صناديد قريش ﴿ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ ﴾ [الأنبياء : ٩٨] إلى قوله خالدون أليس اليهود عبدوا عزيراً، والنصارى المسيح، وبنو مليح الملائكة على أن قوله وما تعبدون لا يتناولهم لأن " ما " لمن لا يعقل إلا أنهم أهل عناد فزيد في البيان ﴿ أؤلئك ﴾ يعني عزيراً والمسيح والملائكة ﴿ عَنْهَا ﴾ عن جهنم ﴿ مُبْعَدُونَ ﴾ لأنهم لم يرضوا بعبادتهم.
وقيل : المراد بقوله إن الذين سبقت لهم منا الحسنى جميع المؤمنين لما روي أن عليًّا رضي الله عنه قرأ هذه الآية ثم قال :" أنا منهم وأبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وسعد وعبد الرحمن بن عوف " وقال الجنيد رحمه الله : سبقت لهم منا العناية في البداية فظهرت لهم الولاية في النهاية
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٦
﴿ لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا ﴾ [الأنبياء : ١٠٢] صوتها الذي يحس وحركة تلهبها وهذه مبالغة في الإبعاد عنها أي لا يقربونها حتى لا يسمعوا صوتها وصوت من فيها ﴿ وَهُمْ فِى مَا اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ ﴾ [الأنبياء : ١٠٢] من النعيم ﴿ خَـالِدُونَ ﴾ مقيمون والشهوة طلب النفس اللذة ﴿ لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الاكْبَرُ ﴾ [الأنبياء : ١٠٣] النفخة الأخيرة ﴿ وَتَتَلَقَّـاهُمُ الْمَلَـائكَةُ ﴾ [الأنبياء : ١٠٣] أي تستقبلهم الملائكة مهنئين على أبواب الجنة يقولون ﴿ هَـاذَا يَوْمُكُمُ الَّذِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [الأنبياء : ١٠٣] أي هذا وقت ثوابكم الذي وعدكم ربكم في الدنيا.
العامل في ﴿ يَوْمَ نَطْوِى السَّمَآءَ ﴾ [الأنبياء : ١٠٤] لا يحزنهم أو تتلقاهم تطوى السماء يزيد، وطيها تكوير نجومها ومحو رسومها أو هو ضد النشر نجمعها ونطويها
١٣٧
﴿ كَطَىِّ السِّجِلِّ ﴾ [الأنبياء : ١٠٤] أي لصحيفة ﴿ لِلْكُتُبِ ﴾ حمزة وعلي وحفص أي للمكتوبات أي لما يكتب فيه من المعاني الكثيرة وغيرهم للكتاب أي كما يطوى الطومار للكتابة، أو لما يكتب فيه لأن الكتاب أصله المصدر كالبناء ثم يوقع على المكتوب.
وقيل : السجل : ملك يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه.
وقيل : كاتب كان لرسول الله صلى الله عليه وسلّم.
والكتاب على هذا اسم الصحيفة المكتوب فيها والطي مضاف إلى الفاعل وعلى الأول إلى المفعول ﴿ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُ ﴾ [الأنبياء : ١٠٤] انتصب الكاف بفعل مضمر يفسره نعيده و " ما " موصولة أي نعيد مثل الذي بدأناه نعيده، و أول خلق ظرف لـ بدأنا أي أول ما خلق، أو حال من ضمير الموصول الساقط من اللفظ الثابت في المعنى.
وأول الخلق إيجاده أي فكما أوجده أو لا يعيده ثانياً تشبيهاً للإعادة بالإبداء في تناول القدرة لهما على السواء.
والتنكير في خلق مثله في قولك " هو أول رجل جاءني " تريد أول الرجال ولكنك وحدته ونكرته إرادة تفصيلهم رجلاً رجلاً فكذلك معنى أول خلق أول الخلق بمعنى أول الخلائق لأن الخلق مصدر لا يجمع ﴿ وَعْدًا ﴾ مصدر مؤكد لأن قوله تعيده عدة للإعادة ﴿ عَلَيْنَآ ﴾ أي وعدا كائناً لا محالة ﴿ إِنَّا كُنَّا فَـاعِلِينَ ﴾ [الأنبياء : ١٠٤] ذلك أي محققين هذا الوعد فاستعدوا له وقدموا صالح الأعمال للخلاص من هذه الأهوال.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٣٧
﴿ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِى الزَّبُورِ ﴾ [الأنبياء : ١٠٥] كتاب داود عليه السلام ﴿ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ ﴾ [الأنبياء : ١٠٥] التوراة ﴿ إِنَّ الارْضَ ﴾ [الأعراف : ١٢٨] أي الشام ﴿ يَرِثُهَا عِبَادِىَ ﴾ [الأنبياء : ١٠٥] ساكنة الياء : حمزة غيره بفتح الياء ﴿ الصَّـالِحُونَ ﴾ أي أمة محمد عليه السلام، أو الزبور بمعنى المزبور أي المكتوب يعني ما أنزل على الأنبياء من الكتب.
والذكر أم الكتاب يعني اللوح لأن الكل اخذوا منه.
دليله قراءة حمزة وخلف بضم الزاي على جمع الزبر بمعنى المزبور والأرض أرض الجنة.
﴿ إِنَّ فِى هَـاذَا ﴾ [الأنبياء : ١٠٦] أي القرآن أو في المذكور في هذه السورة من الأخبار والوعد والوعيد والمواعظ ﴿ لَبَلَـاغًا ﴾ لكفاية وأصله ما تبلغ به البغية ﴿ لِّقَوْمٍ عَـابِدِينَ ﴾ [الأنبياء : ١٠٦] موحدين وهم أمة محمد عليه السلام ﴿ وَمَآ أَرْسَلْنَـاكَ إِلا رَحْمَةً ﴾ [الأنبياء : ١٠٧] قال عليه السلام " إنما أنا رحمة مهداة "
١٣٨