١٤٧
الفريق وقوله ﴿ اخْتَصَمُوا ﴾ للمعنى وهذان للفظ والمراد المؤمنون والكافرون.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : رجع إلى أهل الأديان المذكورة : فالمؤمنون خصم وسائر الخمسة خصم ﴿ فِى رَبِّهِمْ ﴾ [الحج : ١٩] في دينه وصفاته، ثم بين جزاء كل خصم بقوله ﴿ فَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الحج : ١٩] وهو فصل الخصومة المعني بقوله إن الله يفصل بينهم يوم القيامة ﴿ قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِّن نَّارٍ ﴾ [الحج : ١٩] كأن الله يقدر لهم نيراناً على مقادير جثتهم تشتمل عليهم كما تقطع الثياب الملبوسة، واختير لفظ الماضي لأنه كائن لا محالة فهو كالثابت المتحقق ﴿ يُصَبُّ مِن فَوْقِ رُءُوسِهِمُ ﴾ بكسر الهاء والميم، بصري، وبضمهما : حمزة وعلي وخلف، وبكسر الهاء وضم الميم : غيرهم ﴿ الْحَمِيمُ ﴾ الماء الحار.
عن ابن عباس رضي الله عنهما : لو سقطت منه نقطة على جبال الدنيا لأذابتها
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٧
﴿ يُصْهَرُ ﴾ يذاب ﴿ بِهِ ﴾ بالحميم ﴿ مَا فِى بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ ﴾ [الحج : ٢٠] أي يذيب أمعاءهم وأحشاءهم كما يذيب جلودهم فيؤثر في الظاهر والباطن ﴿ وَلَهُم مَّقَـامِعُ ﴾ [الحج : ٢١] سياط مختصة بهم ﴿ مِنْ حَدِيدٍ ﴾ [الحج : ٢١] يضربون بها ﴿ كُلَّمَآ أَرَادُوا أَن يَخْرُجُوا مِنْهَا ﴾ [الحج : ٢٢] من النار ﴿ مِنْ غَمٍّ ﴾ [الحج : ٢٢] بدل الاشتمال من منها بإعادة الجار، أو الأولى لابتداء الغاية والثانية بمعنى من أجل يعني كلما أرادوا الخروج من النار من أجل غم يلحقهم فخرجوا ﴿ أُعِيدُوا فِيهَا ﴾ [الحج : ٢٢] بالمقامع، ومعنى الخروج عند الحسن أن النار تضربهم بلهبها فتلقيهم إلى أعلاها فضربوا بالمقامع فهووا فيها سبعين خريفاً، والمراد إعادتهم إلى معظم النار لا أنهم ينفصلون عنها بالكلية ثم يعودون إليها ﴿ وَذُوقُوا ﴾ أي وقيل لهم ذوقوا ﴿ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران : ١٨١] هو الغليظ من النار المنتشر العظيم الإهلاك.
ثم ذكر جزاء الخصم الآخر فقال :
﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـالِحَـاتِ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ ﴾ جمع أسورة جمع سوار ﴿ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا ﴾ [الحج : ٢٣] بالنصب : مدني وعاصم وعلي ويؤتون لؤلؤاً وبالجر : غيرهم عطفاً على من ذهب وبترك الهمزة الأولى في كل القرآن : أبو بكر وحماد
١٤٨
﴿ وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ﴾ [الحج : ٢٣] إبريسم
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٤٨
﴿ وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ وَهُدُوا إِلَى صِرَاطِ الْحَمِيدِ ﴾ [الحج : ٢٤] أي أرشد هؤلاء في الدنيا إلى كلمة التوحيد و إلى صراط الحميد أي الإسلام أو هداهم الله في الآخرة وألهمهم أن يقولوا : الحمد لله الذي صدقنا وعده وهداهم إلى طريق الجنة.
والحميد الله المحمود بكل لسان.