﴿ ذَالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ يُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعُ بَصِيرٌ ﴾ [الحج : ٦١] أي ذلك النصر للمظلوم بسبب أنه قادر على ما يشاء، ومن آيات قدرته أنه يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل أي يزيد من هذا في ذلك ومن ذلك في هذا، أو بسبب أنه خالق الليل والنهار ومصرفهما فلا يخفى عليه ما يجري فيهما على أيدي عباده من الخير والشر والبغي والإنصاف، وأنه سميع لما يقولون ولا يشغله سمع عن سمع وإن اختلفت في النهار الأصوات بفنون اللغات، بصير بما يفعلون ولا يستر عنه شيء بشيء في الليالي وإن توالت الظلمات.
﴿ ذَالِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ ﴾ [الحج : ٦٢] عراقي غير أبي بكر ﴿ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَـاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِىُّ الْكَبِيرُ ﴾ [الحج : ٦٢] أي ذلك الوصف بخلقه الليل والنهار وإحاطته بما يجري فيهما وإدراكه قولهم وفعلهم بسبب أن الله الحق الثابت إلاهيته وأن كل ما يدعى إلهاً دونه باطل الدعوة وأنه لا شيء أعلى منه شأناً وأكبر سلطاناً.
﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَآءِ مَآءً ﴾ [الحج : ٦٣] مطراً ﴿ فَتُصْبِحُ الارْضُ مُخْضَرَّةً ﴾ [الحج : ٦٣] بالنبات بعدما كانت مسودة يابسة وإنما صرف إلى لفظ المضارع ولم يقل فأصبحت ليفيد بقاء أثر المطر زمان بعد زمان كما تقول " أنعم عليّ فلان فأروح وأغدوا شاكراً له " ولو قلت " فرحت وغدوت " لم يقع ذلك الموقع.
وإنما رفع فتصبح ولم ينصب جواباً للاستفهام لأنه لو نصب لبطل الغرض، وهذا لأن معناه إثبات الاخضرار فينقلب بالنصب إلى نفي الاخضرار كما تقول لصاحبك " ألم تراني أنعمت عليك فتشكر "، إن نصبته نفيت شكره وشكوت من تفريطه فيه، وإن رفعته أثبت شكره
١٦٤
﴿ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ ﴾ [الحج : ٦٣] واصل عمله أو فضله إلى كل شيء ﴿ خَبِيرٌ ﴾ بمصالح الخلق ومنافعهم أو اللطيف المختص بدقيق التدبير والخبير المحيط بكل قليل وكثير
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٦٤
﴿ لَّهُ مَا فِي السَّمَـاوَاتِ وَمَا فِي الارْضِ ﴾ [البقرة : ٢٥٥] ملكاً وملكاً ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِىُّ ﴾ [الحج : ٦٤] المستغني بكمال قدرته بعد فناء ما في السماوات وما في الارض ﴿ الْحَمِيدِ ﴾ المحمود بنعمته قبل ثناء من في السماوات ومن في الأرض ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِى الارْضِ ﴾ من البهائم مذللة للركوب في البر ﴿ وَالْفُلْكَ تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ ﴾ [الحج : ٦٥] أي ومن المراكب جارية في البحر، ونصب الفلك عطفاً على " ما " وتجري حال لها أي وسخر لكم الفلك في حال جريها ﴿ وَيُمْسِكُ السَّمَآءَ أَن تَقَعَ عَلَى الارْضِ ﴾ [الحج : ٦٥] أي يحفظها من أن تقع ﴿ إِلا بِإِذْنِهِ ﴾ [الحج : ٦٥] بأمره أو بمشيئته ﴿ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ ﴾ بتسخير ما في الأرض ﴿ رَّحِيمٌ ﴾ بإمساك السماء لئلا تقع على الأرض، عدد آلائه مقرونة بأسمائه ليشكروه على آلائه ويذكروه بأسمائه.
وعن أبي حنيفة رحمه الله أن اسم الله الأعظم في الآيات الثمانية يستجاب لقرائها البتة.
جزء : ٣ رقم الصفحة : ١٦٥
﴿ وَهُوَ الَّذِى أَحْيَاكُمْ ﴾ [الحج : ٦٦] في أرحام أمهاتكم ﴿ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ﴾ [الجاثية : ٢٦] عند انقضاء آجالكم ﴿ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ﴾ [الحج : ٦٦] لإيصال جزائكم ﴿ إِنَّ الانسَـانَ لَكَفُورٌ ﴾ [الحج : ٦٦] لجحود لما أفاض عليه من ضروب النعم ودفع عنه من صنوف النقم، أو لا يعرف نعمة الإنشاء المبديء للوجود ولا الإفناء المقرب إلى الموعود ولا الإحياء الموصل إلى المقصود ﴿ لِّكُلِّ أُمَّةٍ ﴾ [يونس : ٤٩] أهل دين ﴿ جَعَلْنَا مَنسَكًا ﴾ [الحج : ٣٤] مر بيانه وهو رد لقول من يقول إن الذبح ليس بشريعة الله إذ هو شريعة كل أمة ﴿ هُمْ نَاسِكُوهُ ﴾ [الحج : ٦٧] عاملون به ﴿ فَلا يُنَـازِعُنَّكَ ﴾ [الحج : ٦٧] فلا يجادلنك والمعنى فلا تلتفت إلى قولهم ولا تمكنهم من أن ينازعوك ﴿ فِى الامْرِ ﴾ [آل عمران : ١٥٩] أمر الذبائح أو الدين.
نزلت حين قال المشركون للمسلمين : ما
١٦٥