﴿ سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ ﴾ [الفتح : ١٥] الذين تخلفوا عن الحديبية ﴿ إِذَا انطَلَقْتُمْ إِلَى مَغَانِمَ ﴾ [الفتح : ١٥] إلى غنائم خيبر ﴿ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلَـامَ اللَّهِ ﴾ [الفتح : ١٥] ﴿ كَلَـامَ اللَّهِ ﴾ [البقرة : ٧٥] : حمزة وعلي أي يريدون أن يغيروا موعد الله لأهل الحديبية، وذلك أنه وعدهم أن يعوضهم من مغانم مكة مغانم خيبر إذا قفلوا موادعين لا يصيبون منهم شيئاً ﴿ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا ﴾ [الفتح : ١٥] إلى خيبر وهو إخبار من الله بعدم اتباعهم ولا يبدل القول لديه ﴿ كَذَالِكُمْ قَالَ اللَّهُ مِن قَبْلُ ﴾ [الفتح : ١٥] من قبل انصرافهم إلى لا المدينة إن غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية دون غيرهم ﴿ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ﴾ [الفتح : ١٥] أي لم يأمركم الله به بل تحسدوننا أن نشارككم في الغنيمة ﴿ بَلْ كَانُوا لا يَفْقَهُونَ ﴾ [الفتح : ١٥] من كلام الله ﴿ إِلا قَلِيلا ﴾ [النساء : ٤٦] إلا شيئاً قليلاً يعني مجرد القول.
والفرق بين الإضرابين أن الأول رد أن يكون حكم الله أن لا يتّبعوهم وإثبات الحسد، والثاني إضراب عن وصفهم بإضافة الحسد إلى المؤمنين إلى وصفهم بما هو أطم منه وهو الجهل وقلة الفقه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٠
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٥
﴿ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الاعْرَابِ ﴾ [الفتح : ١٦] هم الذين تخلفوا عن الحديبية ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾ [الفتح : ١٦] يعني بني حنيفة قوم مسيلمة وأهل الردة الذين حاربهم أبو بكر رضي الله عنه لأن مشركي العرب والمرتدين هم الذين لا يقل منهم إلا الإسلام أو السيف.
وقيل : هم فارس وقد دعاهم عمر رضي الله عنه ﴿ تُقَـاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ ﴾ [الفتح : ١٦] أي يكون أحد الأمرين إما المقاتلة أو الإسلام.
ومعنى يسلمون على هذا التأويل ينقادون لأن فارس مجوس تقبل منهم الجزية، وفي الآية دلالة صحة خلافة الشيخين حيث وعدهم الثواب على طاعة الداعي عند دعوته بقوله ﴿ فَإِن تُطِيعُوا ﴾ [الفتح : ١٦] من دعاكم إلى قتاله ﴿ يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْرًا حَسَنًا ﴾ [الفتح : ١٦] فوجب أن يكون الداعي مفترض الطاعة ﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُم مِّن قَبْلُ ﴾ [الفتح : ١٦] أي عن الحديبية ﴿ يُعَذِّبْكُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح : ١٦] في الآخرة
٢٣٥
﴿ لَّيْسَ عَلَى الاعْمَى حَرَجٌ وَلا عَلَى الاعْرَجِ حَرَجٌ وَلا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ ﴾ [النور : ٦١] نفي الحرج عن ذوي العاهات في التخلف عن الغزو ﴿ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾ [الأحزاب : ٧١] في الجهاد وغير ذلك ﴿ يُدْخِلْهُ جَنَّـاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الانْهَـارُ وَمَن يَتَوَلَّ ﴾ [الفتح : ١٧] يعرض عن الطاعة ﴿ يُعَذِّبْهُ عَذَابًا أَلِيمًا ﴾ [الفتح : ١٧] و ﴿ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ﴾ [الكهف : ٨٧] مدني وشامي.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٥