الله الرحمن الرحيم.
والإضافة إلى التقوى باعتبار أنها سبب التقوى وأساسها.
وقيل : كلمة أهل التقوى ﴿ وَكَانُوا ﴾ أي المؤمنون ﴿ أَحَقَّ بِهَا ﴾ [الفتح : ٢٦] من غيرهم ﴿ وَأَهْلَهَا ﴾ بتأهيل الله إياهم ﴿ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمًا ﴾ [الأحزاب : ٤٠] فيجري الأمور على مصالحها.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٣٥
﴿ لَّقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّءْيَا ﴾ أي صدقه في رؤياه ولم يكذبه تعالى الله عن الكذب فحذف الجار وأوصل الفعل كقوله :﴿ صَدَقُوا مَا عَـاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب : ٢٣] (الاحزاب : ٣٢).
روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم رأى قبل خروجه إلى الحديبية كأنه وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين وقد حلفوا وقصروا، فقص الرؤيا على أصحابه ففرحوا وحسبوا أنهم داخلوها في عامهم وقالوا : إن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلّم حق، فلما تأخر ذلك قال عبد الله بن أبيّ وغيره : والله ما حلقنا ولا قصرنا ولا رأينا المسجد الحرام فنزلت ﴿ بِالْحَقِّ ﴾ متعلق بـ ﴿ صَدَقَ ﴾ أي صدقه فيما رأى وفي كونه وحصوله صدقاً ملتبساً بالحق أي بالحكمة البالغة وذلك ما فيه من الابتلاء والتمييز بين المؤمن الخالص وبين من في قلبه مرض، ويجوز أن يكون بالحق قسماً إما بالحق الذي هو نقيض الباطل أو بالحق الذي هو نقيض الباطل أو بالحق الذي هو من أسمائه، وجوابه ﴿ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ ﴾ [الفتح : ٢٧] وعلى الأول هو جواب قسم محذوف ﴿ إِن شَآءَ اللَّهُ ﴾ [يوسف : ٩٩] حكاية من الله تعالى ما قال رسوله لأصحابه وقص عليهم، أو تعليم لعباده أن يقولوا في عداتهم مثل ذلك متأدبين بأدب الله ومقتدين بسنته
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٤٠
﴿ ءَامِنِينَ ﴾ حال والشرط معترض ﴿ مُحَلِّقِينَ ﴾ حال من الضمير في ﴿ ءَامِنِينَ ﴾ ﴿ رُءُوسَكُمْ ﴾ أي جميع شعورها ﴿ وَمُقَصِّرِينَ ﴾ بعض شعورها ﴿ لا تَخَافُونَ ﴾ [الفتح : ٢٧] حال مؤكدة ﴿ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا ﴾ [الفتح : ٢٧] من الحكمة في تأخير فتح مكة إلى العام القابل ﴿ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَالِكَ ﴾ [الفتح : ٢٧] أي من دون فتح مكة ﴿ فَتْحًا قَرِيبًا ﴾ [الفتح : ١٨] وهو فتح خيبر ليستروح إليه قلوب المؤمنين إلى أن يتيسر الفتح الموعود.
٢٤٠
﴿ هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى ﴾ [التوبة : ٣٣] بالتوحيد ﴿ وَدِينِ الْحَقِّ ﴾ [التوبة : ٣٣] أي الإسلام ﴿ لِيُظْهِرَهُ ﴾ ليعليه ﴿ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ ﴾ [الفتح : ٢٨] على جنس الدين يريد الأديان المختلفة من أديان المشركين وأهل الكتاب، ولقد حقق ذلك سبحانه فإنك لا ترى ديناً قط إلا وللإسلام دونه العزة والغلبة.
وقيل : هو عند نزول عيسى عليه السلام حين لا يبقى على وجه الأرض كافر.
وقيل : هو إظهاره بالحجج والآيات ﴿ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء : ٧٩] على أن ما وعده كائن، وعن الحسن : شهد على نفسه أنه سيظهر دينه والتقدير وكفاه الله شهيداً و ﴿ شَهِيدًا ﴾ تمييز أو حال ﴿ مُّحَمَّدٌ ﴾ خبر مبتدأ أي هو محمد لتقدم قوله ﴿ هُوَ الَّذِى أَرْسَلَ رَسُولَهُ ﴾ [التوبة : ٣٣] أو مبتدأ خبره ﴿ رَّسُولُ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب : ٢١] وقف عليه نصير ﴿ وَالَّذِينَ مَعَهُ ﴾ [الممتحنة : ٤] أي أصحابه مبتدأ والخبر ﴿ أَشِدَّآءُ عَلَى الْكُفَّارِ ﴾ [الفتح : ٢٩] أو ﴿ مُّحَمَّدٌ ﴾ مبتدأ و ﴿ رَّسُولُ اللَّهِ ﴾ [الأحزاب : ٢١] عطف بيان و الَّذِينَ مَعَه عطف على المبتدأ و ﴿ أَشِدَّآءُ ﴾ خبر عن الجميع ومعناه غلاظ ﴿ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح : ٢٩] متعاطفون وهو خبر ثانٍ وهما جمعاً شديد ورحيم ونحوه ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَـافِرِينَ ﴾ [المائدة : ٥٤] (المائدة : ٤٥) وبلغ من تشددهم على الكفار أنهم كانوا يتحرزون من ثيابهم أن تلزق بثيابهم، ومن أبدانهم أن تمس أبدانهم، وبلغ من ترحمهم فيما بينهم أنه كان لا يرى مؤمن مؤمناً إلا صافحه وعانقه.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٤٠