﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم ﴾ [مريم : ٧٤] قبل قومك ﴿ مِّن قَرْنٍ ﴾ [ص : ٣] من القرون الذين كذبوا رسلهم ﴿ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم ﴾ [ق : ٣٦] من قومك ﴿ بَطْشًا ﴾ قوة وسطوة ﴿ فَنَقَّبُوا ﴾ فخرقوا ﴿ فِى الْبِلَـادِ ﴾ [آل عمران : ١٩٦] وطافوا.
والتنقيب التنقير عن الأمر والبحث والطلب، ودخلت الفاء للتسبيب عن قوله ﴿ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُم بَطْشًا ﴾ [ق : ٣٦] أي شدة بطشهم أقدرتهم على التنقيب وقوّتهم عليه، ويجوز أن يراد فنقب أهل مكة في أسفارهم ومسايرهم في بلاد القرون فهل رأوا لهم محيصاً حتى يؤملوا مثله لأنفسهم، ويدل عليه قراءة من قرأ ﴿ فَنَقَّبُوا ﴾ على الأمر
٢٦٣
﴿ هَلْ مِن مَّحِيصٍ ﴾ [ق : ٣٦] مهرب من الله أو من الموت.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٦١
﴿ إِنَّ فِى ذَالِكَ ﴾ [السجدة : ٢٦] المذكور ﴿ لَذِكْرَى ﴾ تذكرة وموعظة ﴿ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ [ق : ٣٧] واعٍ لأن من لا يعي قلبه فكأنه لا قلب له ﴿ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ ﴾ [ق : ٣٧] أصغى إلى المواعظ ﴿ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق : ٣٧] حاضر بفطنته لأن من لا يحضر ذهنه فكأنه غائب.
﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِى سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ﴾ [ق : ٣٨] إعياء، قيل : نزلت في اليهود ـ لعنت ـ تكذيباً لقولهم خلق الله السماوات والأرض في ستة أيام أولها الأحد وآخرها الجمعة واستراح يوم السبت واستلقى على العرش وقالوا : إن الذي وقع من التشبيه في هذه الأمة إنما وقع من اليهود ومنهم أخذ.
وأنكر اليهود التربيع في الجلوس وزعموا أنه جلس تلك الجلسة يوم السبت ﴿ فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ ﴾ [طه : ١٣٠] أي على ما يقول اليهود ويأتون به من الكفر والتشبيه، أو على ما يقول المشركون في أمر البعث فإن من قدر على خلق العالم قدر على بعثهم والانتقام منه ﴿ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ ﴾ [غافر : ٥٥] حامداً ربك، والتسبيح محمول على ظاهره أو على الصلاة فالصلاة ﴿ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ ﴾ [ق : ٣٩] الفجر ﴿ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ ﴾ [ق : ٣٩] الظهر والعصر ﴿ وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ﴾ [ق : ٤٠] العشاءان أو التهجد ﴿ وَأَدْبَـارَ السُّجُودِ ﴾ [ق : ٤٠] التسبيح في آثار الصلوات والسجود ولاركوع يعبر بهما عن الصلاة.
وقيل : النوافل بعد المكتوبات أو الوتر بعد العشاء والأدبار جمع دبر، ﴿ وَأَدْبَـارَ ﴾ حجازي وحمزة وخلف من أدبرت الصلاة إذا انقضت وتمت، ومعناه وقت انقضاء السجود كقولهم " آتيك خفوق النجم ".
﴿ وَاسْتَمِعْ ﴾ لما أخبرك به من حال يوم القيامة وفي ذلك تهويل وتعظيم لشأن المخبر به وقد وقف يعقوب عليه.
وانتصب ﴿ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ ﴾ [ق : ٤١] بما دل عليه
٢٦٤
﴿ ذَالِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ ﴾ [ق : ٤٢] أي يوم ينادي المنادي يخرجون من القبور.
وقيل : تقديره واستمع حديث يوم ينادي المنادي.
بالياء في الحالين : مكي وسهل ويعقوب، وفي الوصل : مدني وأبو عمرو، وغيرهم بغير ياء فيهما.
والمنادي إسرافيل ينفخ في الصور وينادي : أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة واللحوم المتمزقة والشعور المتفرقة إن الله يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء.
وقيل : إسرافيل ينفخ وجبريل ينادي بالحشر ﴿ وَأُخِذُوا مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ ﴾ [سبأ : ٥١] من صخرة بيت المقدس وهي أقرب من الأرض إلى السماء باثني عشر ميلاً وهي وسط الأرض.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٦١