﴿ أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ ﴾ [الطور : ٣٣] اختلقه محمد من تلقاء نفسه ﴿ بَل ﴾ رد عليهم أي ليس الأمر كما زعموا ﴿ لا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة : ٦] فلكفرهم وعنادهم يرمون بهذه المطاعن مع علمهم ببطلان قولهم وأنه ليس بمتقول لعجز العرب عنه وما محمد إلا واحد من العرب ﴿ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ ﴾ [الطور : ٣٤] مختلق ﴿ مِّثْلِهِ ﴾ مثل القرآن ﴿ إِن كَانُوا صَـادِقِينَ ﴾ [الطور : ٣٤] في أن محمداً تقوله من تلقاء نفسه لأنه بلسانهم وهم فصحاء ﴿ أَمْ هُمُ الْخَـالِقُونَ ﴾ [الطور : ٣٥] أم هم الذين خلقوا أنفسهم حيث لا يعبدون الخالق.
وقيل : أخلقوا من أجل لا شيء من جزاء ولا حساب أم هم الخالقون فلا يأتمرون ﴿ أَمْ خَلَقُوا السَّمَـاوَاتِ وَالارْضَ ﴾ فلا يعبدون خالقهما ﴿ بَل لا يُوقِنُونَ ﴾ [الطور : ٣٦] أي لا يتدبرون في الآيات فيعلموا خالقهم وخالق السماوات والأرض.
﴿ أَمْ عِندَهُمْ خَزَآ ـاِنُ رَبِّكَ ﴾ [الطور : ٣٧] من النبوة والرزق وغيرهما فيخصوا من شاءوا بما شاءوا ﴿ أَمْ هُمُ ﴾ الأرباب الغالبون حتى يدبروا أمر الربوبية ويبنوا الأمور على مشيئتهم.
وبالسين : مكي وشامي.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٢٨٠
﴿ الْمُصاَيْطِرُونَ * أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ ﴾ [الطور : ٣٨] منصوب يرتقون به إلى السماء ﴿ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ﴾ [الطور : ٣٨] كلام الملائكة وما يوحى إليهم من علم الغيب حتى يعلموا ما هو كائن من تقدم هلاكه على هلاكهم وظفرهم في العاقبة دونه كما يزعمون.
قال الزجاج : يستمعون فيه أي عليه ﴿ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَـانٍ مُّبِينٍ ﴾ [الطور : ٣٨] بحجة واضحة تصدق استماع مستمعهم ﴿ أَمْ لَهُ الْبَنَـاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ ﴾ [الطور : ٣٩] ثم سفه أحلامهم حيث اختاروا لله ما يكرهون وهم حكماء عند أنفسهم ﴿ أَمْ تَسْـاَلُهُمْ أَجْرًا ﴾ [الطور : ٤٠] على التبليغ والإنذار ﴿ فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ﴾ [الطور : ٤٠] المغرم أن
٢٨٢
يلتزم الإنسان ما ليس عليه أي لزمهم مغرم ثقيل فدحهم فزهدهم ذلك في اتباعك ﴿ أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ ﴾ [الطور : ٤١] أي اللوح المحفوظ ﴿ فَهُمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الطور : ٤١] ما فيه حتى يقولوا لا نبعث وإن بعثنا لم نعذب ﴿ أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا ﴾ [الطور : ٤٢] وهو كيدهم في دار الندوة برسول الله وبالمؤمنين ﴿ فَالَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [الحج : ١٩] إشارة إليهم أو أريد بهم كل من كفر بالله تعالى ﴿ هُمُ الْمَكِيدُونَ ﴾ [الطور : ٤٢] هم الذين يعود عليهم وبال كيدهم ويحيق بهم مكرهم وذلك أنهم قتلوا يوم بدر، أو المغلوبون في الكيد من كايدته فكدته ﴿ أَمْ لَهُمْ إِلَـاهٌ غَيْرُ اللَّهِ ﴾ [الطور : ٤٣] يمنعهم من عذاب الله ﴿ سُبْحَـانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَآءِ سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ ﴾ والكسف القطعة وهو جواب قولهم ﴿ أَوْ تُسْقِطَ السَّمَآءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا ﴾ [الإسراء : ٩٢] (الإسراء : ٢٩) يريد أنهم لشدة طغيانهم وعنادهم لو أسقطناه عليهم لقالوا هذا سحاب ﴿ مَّرْكُومٌ ﴾ قدركم أي جمع بعضه على بعض يمطرنا ولم يصدقوا أنه كسف ساقط للعذاب.
﴿ فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَـاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِى فِيهِ يُصْعَقُونَ ﴾ [الطور : ٤٥] بضم الياء : عاصم وشامي.
الباقون بفتح الياء، يقال : صعقه فصعق وذلك عند النفخة الأولى نفخة الصعق ﴿ يَوْمَ لا يُغْنِى عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شيئا وَلا هُمْ يُنصَرُونَ * وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ﴾ وإن لهؤلاء الظلمة ﴿ عَذَابًا دُونَ ذَالِكَ ﴾ [الطور : ٤٧] دون يوم القيامة وهو القتل ببدر والقحط سبع سنين وعذاب القبر ﴿ وَلَـاكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام : ٣٧] ذلك.
ثم أمره بالصبر إلى أن يقع بهم العذاب فقال ﴿ وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ﴾ [الطور : ٤٨] بإمهالهم وبما يلحقك فيه من المشقة
٢٨٣