﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ بسواد وجوههم وزرقة عيونهم ﴿ بِسِيمَـاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِى وَالاقْدَامِ ﴾ [الرحمن : ٤١] أي يؤخذ تارة بالنواصي وتارة بالأقدام.
﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٠٨
﴿ هَـاذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِى يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ * يَطُوفُونَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ حَمِيمٍ ﴾ ماء حار قد انتهى حره أي يعاقب عليهم بين التصلية بالنار وبين شرب الحميم ﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ والنعمة في هذا نجاة الناجي منه بفضله ورحمته وما في الإنذار به من التنبيه ﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ ﴾ [الرحمن : ٤٦] موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة فترك المعاصي أو فأدى الفرائض.
وقيل : هو مقحم كقوله : ونفيت عنه مقام الذئب أي نفيت عنه الذئب
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣١٣
﴿ جَنَّتَانِ ﴾ جنة الإنس وجنة الجن لأن الخطاب للثقلين وكأنه قيل : لكل خائفين منكما جنتان : جنة للخائف الإنسي وجنة للخائف الجني ﴿ ذَوَاتَآ أَفْنَانٍ ﴾ أغصان جمع فنن وخص الأفنان لأنها هي التي تورق وتثمر، فمنها تمتد الظلال، ومنها تجتنى الثمار، أو ألوان جمع فن أي له فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين قال :
٣١٣
ومن كل أفنان اللذاذة والصبا
لهوت به والعيش أخضر ناضر
﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا ﴾ في الجنتين ﴿ عَيْنَانِ تَجْرِيَانِ ﴾ [الرحمن : ٥٠] حيث شاءوا في الأعالي والأسافل.
وعن الحسن : تجريان بالماء الزلال إحداهما التسنيم والأخرى السلسبيل ﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا مِن كُلِّ فَـاكِهَةٍ زَوْجَانِ ﴾ صنفان : صنف معروف وصنف غريب ﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * مُتَّكِـاِينَ ﴾ نصب على المدح للخائفين أو حال منهم لأن من خاف في معنى الجمع ﴿ عَلَى فُرُشٍ ﴾ [الرحمن : ٥٤] جمع فراش ﴿ بَطَآ ـاِنُهَا ﴾ جمع بطانة ﴿ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ ﴾ [الرحمن : ٥٤] ديباج ثخين وهو معرب.
قيل : ظهائرها من سندس.
وقيل : لا يعلمها إلا الله ﴿ وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دَانٍ ﴾ [الرحمن : ٥٤] وثمرها قريب يناله القائم والقاعد والمتكيء.
﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾.
﴿ فِيهِنَّ ﴾ في الجنتين لاشتمالهما على أماكن وقصور ومجالس أو في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والفرش والجني ﴿ قَـاصِرَاتُ الطَّرْفِ ﴾ [ص : ٥٢] نساء قصرن أبصارهن على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم ﴿ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ ﴾ [الرحمن : ٥٦] بكسر الميم : الدوري وعلي بضم الميم والطمث الجماع بالتدمية ﴿ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَآنٌّ ﴾ [الرحمن : ٥٦] وهذا دليل على أن الجن يطمثون كما يطمث الإنس ﴿ تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ ﴾ صفاء ﴿ وَالْمَرْجَانُ ﴾ بياضاً فهو أبيض من اللؤلؤ ﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * هَلْ جَزَآءُ الاحْسَـانِ إِلا الاحْسَـانُ ﴾ في العمل ﴿ إِلا الاحْسَـانُ ﴾ [الرحمن : ٦٠] في الثواب
٣١٤
وقيل : ما جزاء من قال لا إله إلا الله إلا الجنة.
وعن إبراهيم الخواص فيه : هل جزاء الإسلام إلا دار السلام.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣١٣
﴿ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * وَمِن دُونِهِمَا ﴾ ومن دون تينك الجنتين الموعودتين للمقربين ﴿ جَنَّتَانِ ﴾ لمن دونهم من أصحاب اليمين ﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ﴾ سوداوان من شدة الخضرة قال الخليل الدهمة السواد ﴿ فَبِأَىِّ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ ﴾ فوارتان بالماء لا تنقطعان ﴿ ءَالاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * فِيهِمَا فَـاكِهَةٌ ﴾ ألوان الفواكه ﴿ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ ﴾ [الرحمن : ٦٨] والرمان والتمر ليسا من الفواكه عند أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه للعطف، ولأن التمر فاكهة وغذاء والرمان فاكهة ودواء فلم يخلصا للتفكه، وهما قالا : إنما عطفا على الفاكهة لفضلهما كأنهما جنسان آخران لما لهما من المزية كقوله ﴿ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـالَ ﴾ [البقرة : ٩٨] (البقرة : ٨٩).


الصفحة التالية
Icon