وهم الذين غضب الله عليهم في قوله ﴿ مَن لَّعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ ﴾ [المائدة : ٦٠] (المائدة : ٠٦) وينقلون إليهم أسرار المؤمنين ﴿ مَّا هُم مِّنكُمْ ﴾ [المجادلة : ١٤] يا مسلمون ﴿ وَلا مِنْهُمْ ﴾ [المجادلة : ١٤] ولا من اليهود كقوله :﴿ مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَالِكَ لا إِلَى هؤلاء وَلا إِلَـاى هؤلاء ﴾ [النساء : ١٤٣] (النساء : ٣٤١) ﴿ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ ﴾ [المجادلة : ١٤] أي يقولون والله إنا لمسلمون لا منافقون ﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة : ٧٥] أنهم كاذبون منافقون ﴿ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ﴾ [المجادلة : ١٥] نوعاً من العذاب متفاقماً ﴿ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [التوبة : ٩] أي إنهم كانوا في الزمان الماضي مصرين على سوء العمل أو هي حكاية ما يقال لهم في الآخرة.
﴿ اتَّخَذْوا أَيْمَـانَهُمْ ﴾ [المجادلة : ١٦] الكاذبة ﴿ جُنَّةً ﴾ وقاية دون أموالهم ودمائهم ﴿ فَصَدُّوا ﴾ الناس في خلال أمنهم وسلامتهم ﴿ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [محمد : ١] عن طاعته والإيمان به ﴿ فَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ ﴾ [المجادلة : ١٦] وعدهم العذاب المخزي لكفرهم وصدهم كقوله ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَـاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ ﴾ [النحل : ٨٨](النحل : ٨٨) ﴿ لَّن تُغْنِىَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلا أَوْلَـادُهُم مِّنَ اللَّهِ ﴾ [آل عمران : ١٠] من عذاب الله ﴿ شيئا ﴾ قليلاً من الإغناء ﴿ أؤلئك أَصْحَـابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَـالِدُونَ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ جَمِيعًا فَيَحْلِفُونَ لَهُ ﴾ أي لله في الآخرة أنهم كانوا مخلصين في الدنيا غير منافقين ﴿ كَمَا يَحْلِفُونَ لَكُمْ ﴾ [المجادلة : ١٨] في الدنيا على ذلك ﴿ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ ﴾ [المجادلة : ١٨] في الدنيا ﴿ عَلَى شَىْءٍ ﴾ [المجادلة : ١٨] من النفع أو يحسبون أنهم على شيء من النفع ثم بأيمانهم الكاذبة كما انتفعوا ههنا ﴿ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَـاذِبُونَ ﴾ [المجادلة : ١٨] حيث استوت حالهم فيه في الدنيا والآخرة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٤٣
﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَـانُ ﴾ [المجادلة : ١٩] استولى عليهم ﴿ فَأَنسَـاـاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ ﴾ [المجادلة : ١٩] قال شاه
٣٤٧
الكرماني : علامة استحواذ الشيطان على العبد أن يشغله بعمارة ظاهره من المآكل والمشارب والملابس، ويشغل قلبه عن التفكر في آلاء الله ونعمائه والقيام بشكرها، ويشغل لسانه عن ذكر ربه بالكذب والغيبة والبهتان، ويشغل لبه عن التفكر والمراقبة بتدبير الدنيا وجمعها ﴿ أؤلئك حِزْبُ الشَّيْطَـانِ ﴾ [المجادلة : ١٩] جنده ﴿ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَـانِ هُمُ الْخَـاسِرُونَ ﴾ [المجادلة : ١٩].
﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَآدُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُا أؤلئك فِى الاذَلِّينَ ﴾ [المجادلة : ٢٠] في جملة من هو أذل خلق الله تعالى لا ترى أحداً أذل منهم ﴿ كَتَبَ اللَّهُ ﴾ [الانفال : ٧٥] في اللوح ﴿ لاغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِى ﴾ [المجادلة : ٢١] بالحجة والسيف أو بأحدهما ﴿ إِنَّ اللَّهَ قَوِىٌّ ﴾ [الانفال : ٥٢] لا يمتنع عليه ما يريد ﴿ عَزِيزٌ ﴾ غالب غير مغلوب.
﴿ لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الاخِرِ يُوَآدُّونَ ﴾ [المجادلة : ٢٢] هو مفعول ثان لـ ﴿ تَجِدُ ﴾ أو حال أو صفة لـ ﴿ قَوْمًا ﴾ وتجد بمعنى تصادف على هذا ﴿ مَنْ حَآدَّ اللَّهَ ﴾ [المجادلة : ٢٢] خالفه وعاداه ﴿ وَرَسُولَهُ ﴾ أي من الممتنع أن تجد قوماً مؤمنين يوالون المشركين، والمراد أنه لا ينبغي أن يكون ذلك وحقه أن يمتنع ولا يوجد بحال مبالغة في الزجر عن مجانبة أعداء الله ومباعدتهم والاحتراز عن مخالطتهم ومعاشرتهم.
وزاد ذلك تأكيداً وتشديداً بقوله ﴿ عَشِيرَتَهُمْ ﴾ وبقوله ﴿ أؤلئك كَتَبَ فِى قُلُوبِهِمُ الايمَـانَ ﴾ [المجادلة : ٢٢] أي أثبته فيها وبمقابلة قوله ﴿ أؤلئك حِزْبُ الشَّيْطَـانِ ﴾ [المجادلة : ١٩] بقوله ﴿ أؤلئك حِزْبُ اللَّهِ ﴾ [المجادلة : ٢٢] ﴿ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ ﴾ [المجادلة : ٢٢] أي بكتاب أنزله فيه حياة لهم، ويجوز أن يكون الضمير للإيمان أي بروح
٣٤٨