﴿ يَـا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِذَا جَآءَكُمُ الْمُؤْمِنَـاتُ ﴾ [الممتحنة : ١٠] سماهن مؤمنات لنطقهن بكلمة الشهادة، أو لأنهن مشارفات لثبات إيمانهن بالامتحان ﴿ مُهَـاجِرَاتٍ ﴾ نصب على الحال ﴿ فَامْتَحِنُوهُنَّ ﴾ فابتلوهن بالنظر في الأمارات ليغلب على ظنونكم صدق إيمانهن.
وعن ابن عباس : امتحانها أن تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله ﴿ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَـانِهِنَّ ﴾ [الممتحنة : ١٠] منكم فإنكم وإن رزتم أحوالهن لا تعلمون ذلك حقيقة وعند الله حقيقة
٣٦٤
العلم به ﴿ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَـاتٍ ﴾ [الممتحنة : ١٠] العلم الذي تبلغه طاقتكم وهو الظن الغالب بظهور الأمارات، وتسمية الظن علماً يؤذن بأن الظن الغالب وما يفضي إليه القياس جارٍ مجرى العلم وصاحبه غير داخل في قوله ﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [الإسراء : ٣٦] (الإسراء : ٦٣) ﴿ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ﴾ [الممتحنة : ١٠] فلا تردوهن إلى أزواجهن المشركين.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٣
﴿ لا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ﴾ [الممتحنة : ١٠] أي لا حل بين المؤمنة والمشرك لوقوع الفرقة بينهما بخروجها مسلمة ﴿ وَءَاتُوهُم مَّآ أَنفَقُوا ﴾ [الممتحنة : ١٠] وأعطوا أزواجهن مثل ما دفعوا إليهن من المهور.
نزلت الآية بعد صلح الحديبية وكان الصلح قد وقع على أن يرد على أهل مكة من جاء مؤمناً منهم، فأنزل الله هذه الآية بياناً لأن ذلك في الرجال لا في النساء لأن المسلمة لا تحل للكافر.
وقيل : نسخت هذه الآية الحكم الأول ﴿ وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ ﴾ [الممتحنة : ١٠] ثم نفى عنهم الجناح في تزوج هؤلاء المهاجرات ﴿ إِذَآ ءَاتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ [المائدة : ٥] أي مهورهن لأن المهر أجر البضع وبه احتج أبو حنيفة رضي الله عنه على أن لا عدة على المهاجرة ﴿ وَلا تُمْسِكُوا ﴾ [الممتحنة : ١٠] ﴿ وَلا تُمْسِكُوا ﴾ [الممتحنة : ١٠] بصري ﴿ بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ﴾ [الممتحنة : ١٠] العصمة ما يعتصم به من عقد وسبب.
والكوافر جمع كافرة وهي التي بقيت في دار الحرب أو لحقت بدار الحرب مرتدة أي لا يكن بينكم وبينهن عصمة ولا علقة زوجية.
قال ابن عباس رضي الله عنهما : من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدّنّ بها من نسائه لأن اختلاف الدارين قطع عصمتها منه ﴿ قُلْ مَآ أَنفَقْتُم ﴾ من مهور أزواجكم اللاحقات بالكفار ممن تزوجها ﴿ وَلْيَسْـاَلُوا مَآ أَنفَقُوا ﴾ [الممتحنة : ١٠] من مهور نسائهم المهاجرات ممن تزوجها منا ﴿ ذَالِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ ﴾ [الممتحنة : ١٠] أي جميع ما ذكر في هذه الآية ﴿ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ ﴾ [الممتحنة : ١٠] كلام مستأنف أو حال من حكم الله على حذف الضمير أي يحكمه الله، أو جعل الحكم حاكماً على المبالغة وهو منسوخ فلم يبق سؤال المهر لا منا ولا منهم ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * وَإِن فَاتَكُمْ شَىْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ ﴾ وإن انفلت أحد منهن إلى الكفار وهو في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه أحد.
﴿ فَعَاقَبْتُمْ ﴾ فأصبتموهم في القتال بعقوبة حتى غنمتم عن الزجاج ﴿ فَـاَاتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُم مِّثْلَ مَآ أَنفَقُوا ﴾ [الممتحنة : ١١] فأعطوا المسلمين الذين ارتدت زوجاتهم ولحقن بدار الحرب مهور زوجاتهم من هذه الغنيمة
٣٦٥
﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِى أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة : ٨٨] وقيل : هذا الحكم منسوخ أيضاً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٣٦٣