﴿ إِلا الْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ ﴾ أي صلواتهم الخمس ﴿ دَآ ـاِمُونَ ﴾ أي يحافظون عليها في مواقيتها.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه ﴿ وَالَّذِينَ فِى أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾ [المعارج : ٢٤] يعني الزكاة لأنها مقدرة معلومة أو صدقة يوظفها الرجل على نفسه يؤديها في أوقات معلومة ﴿ لِّلسَّآ ـاِلِ ﴾ الذي يسأل ﴿ وَالْمَحْرُومِ ﴾ الذي يتعفف عن السؤال فيحسب غنياً فيحرم ﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾ [المعارج : ٢٦] أي يوم الجزاء والحساب وهو يوم القيامة ﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾ [المعارج : ٢٧] خائفون.
واعترض بقوله ﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾ [المعارج : ٢٨] بالهمز : سوي أبي عمرو أي لا ينبغي لأحد وإن بالغ في الاجتهاد والطاعة أن يأمنه وينبغي أن يكون مترجحاً بين الخوف والرجاء.
﴿ أَزْوَاجِهِمْ ﴾ نسائهم ﴿ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـانُهُمْ ﴾ [المؤمنون : ٦] أي إمائهم ﴿ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾ [المؤمنون : ٦] على ترك الحفظ
٤٢٨
﴿ فَمَنِ ابْتَغَى ﴾ [المؤمنون : ٧] طلب منكحاً ﴿ وَرَآءَ ذَالِكَ ﴾ [المؤمنون : ٧] أي غير الزوجات والمملوكات ﴿ فَأُوالَـائكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾ [المؤمنون : ٧] المتجاوزون عن الحلال والحرام.
وهذه الآية تدل على حرمة المتعة ووطء الذكران والبهائم والاستمناء بالكف ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لامَـانَـاتِهِمْ ﴾ [المؤمنون : ٨] مكي، وهي تتناول أمانات الشرع وأمانات العباد ﴿ لامَـانَـاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ ﴾ [المؤمنون : ٨] أي عهودهم ويدخل فيها عهود الخلق والنذور والأيمان ﴿ رَاعُونَ ﴾ حافظون غير خائنين ولا ناقضين.
وقيل : الأمانات ما تدل عليه العقول والعهد ما أتى به الرسول.
﴿ وَالَّذِينَ هُم بِشَهَـادَاتِهِمْ ﴾ [المعارج : ٣٣] حفص وسهل ويعقوب.
﴿ قَآ ـاِمُونَ ﴾ يقيمونها عند الحكام بلا ميل إلى قريب وشريف وترجيح للقوي على الضعيف إظهاراً للصلابة في الدين ورغبة في إحياء حقوق المسلمين ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾ [المعارج : ٣٤] كرر ذكر الصلاة لبيان أنها أهم، أو لأن إحداهما للفرائض والأخرى للنوافل.
وقيل : الدوام عليها الاستكثار منها والمحافظة عليها أن لا تضيع عن مواقيتها، أو الدوام عليها أداؤها في أوقاتها والمحافظة عليها حفظ أركانها وواجباتها وسننها وآدابها ﴿ فَأُوالَـائكَ ﴾ أصحاب هذه الصفات ﴿ فِى جَنَّـاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾ [المعارج : ٣٥] هما خبران.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٢٧
﴿ فَمَالِ ﴾ كتب مفصولاً اتباعاً لمصحف عثمان رضي الله عنه ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ ﴾ [المعارج : ٣٦] نحوك معمول ﴿ مُهْطِعِينَ ﴾ مسرعين حال من ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النمل : ٦٧] ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ ﴾ [المعارج : ٣٧] عن يمين النبي صلى الله عليه وسلّم وعن شماله ﴿ عِزِينَ ﴾ حال أي فرقاً شتى جمع عزة وأصلها عزوة كأن كل فرقة تعتزي إلى غير من تعتزى إليه الأخرى فهم مفترقون.
كان المشركون يحتفّون حول النبي صلى الله عليه وسلّم حلقاً حلقاً وفرقاً فرقاً يستمعون
٤٢٩
ويستهزئون بكلامه ويقولون : إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم فنزلت ﴿ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِى ٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ ﴾ [المعارج : ٣٨] بضم الياء وفتح الخاء : سوى المفضل ﴿ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴾ [المعارج : ٣٨] كالمؤمنين ﴿ كَلا ﴾ ردع لهم عن طمعهم في دخول الجنة ﴿ إِنَّا خَلَقْنَـاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ﴾ [المعارج : ٣٩] أي من النطفة المذرة ولذلك أبهم إشعاراً بأنه منصب يستحيا من ذكره، فمن أين يتشرفون ويدعون التقدم، ويقولون لندخلن الجنة قبلهم؟ أو معناه : إنا خلقناهم من نطفة كما خلقنا بني آدم كلهم، ومن حكمنا أن لا يدخل أحد الجنة إلا بالإيمان فلم يطمع أن يدخلها من لا إيمان له ﴿ فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَـارِقِ ﴾ [المعارج : ٤٠] مطالع الشمس ﴿ وَالْمَغَـارِبِ ﴾ ومغاربها ﴿ إِنَّا لَقَـادِرُونَ * عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْرًا مِّنْهُمْ ﴾ على أن نهلكهم ونأتي بخلق أمثل منهم وأطوع لله ﴿ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾ [الواقعة : ٦٠] بعاجزين.


الصفحة التالية
Icon