﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ تَنزِيلا ﴾ [الإنسان : ٢٣] تكرير الضمير بعد إيقاعه اسماً لإن تأكيد على تأكيد لمعنى اختصاص الله بالتنزيل ليستقر في نفس النبي صلى الله عليه وسلّم أنه إذا كان هو المنزل لم يكن تنزيله مفرقاً إلا حكمة وصواباً ومن الحكمة الأمر بالمصابرة ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ﴾ [الإنسان : ٢٤] عليك بتبليغ الرسالة واحتمال الأذية وتأخير نصرتك على أعدائك من أهل مكة ﴿ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ ﴾ [الإنسان : ٢٤] من الكفرة للضجر من تأخير الظفر ﴿ ءَاثِمًا ﴾ راكباً لما هوى إثم داعياً لك إليه ﴿ أَوْ كَفُورًا ﴾ [الإنسان : ٢٤] فاعلاً لما هو كفر داعياً لك إليه، لأنهم إما أن يدعوه إلى مساعدتهم على فعل ما هو إثم أو كفر أو غير إثم ولا كفر، فنهى أن يساعدهم على الأولين دون الثالث.
وقيل : الآثم عتبة لأنه كان ركاباً للمآثم والفسوق.
والكفور : الوليد لأنه كان غالياً في الكفر والجحود.
والظاهر أن المراد كل آثم وكافر أي لا تطع أحدهما، وإذا نهي عن طاعة أحدهما لا بعينه فقد نهى عن طاعتهما معاً ومتفرقاً.
ولو كان بالواو لجاز أن يطيع أحدهما لأن الواو للجمع فيكون منهياً عن طاعتهما معاً لا عن طاعة أحدهما، وإذا نهى عن طاعة أحدهما لا بعينه كان عن طاعتهما جميعاً أنهى.
وقيل :" أو " بمعنى " ولا " أي ولا تطع آثماً ولا كفوراً ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ ﴾ [الإنسان : ٢٥] صلّ له ﴿ بُكْرَةً ﴾ صلاة الفجر ﴿ وَأَصِيلا ﴾ صلاة
٤٦٩
الظهر والعصر.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٦٨
﴿ وَمِنَ الَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ ﴾ [الإنسان : ٢٦] وبعض الليل فصّل صلاة العشاءين ﴿ وَسَبِّحْهُ لَيْلا طَوِيلا ﴾ [الإنسان : ٢٦] أي تهجد له هزيعاً طويلاً من الليل ثلثيه أو نصفه أو ثلثه.
﴿ إِنَّ هؤلاء ﴾ [الحجر : ٦٨] الكفرة ﴿ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ﴾ [الإنسان : ٢٧] يؤثرونها على الآخرة ﴿ وَيَذَرُونَ ﴾ قدامهم أو خلف ظهورهم ﴿ وَرَآءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلا ﴾ [الإنسان : ٢٧] شديداً لا يعبئون به وهو القيامة لأن شدائده تثقل على الكفار ﴿ نَّحْنُ خَلَقْنَـاهُمْ وَشَدَدْنَآ ﴾ [الإنسان : ٢٨] أحكمنا ﴿ أَسْرَهُمْ ﴾ خلقهم عن ابن عباس رضي الله عنهما والفرا ﴿ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَآ أَمْثَـالَهُمْ تَبْدِيلا ﴾ [الإنسان : ٢٨] أي إذا شئنا إهلاكهم أهلكناهم وبدلنا أمثالهم في الخلقة ممن يطيع ﴿ إِنَّ هَـاذِهِ ﴾ [الأنبياء : ٩٢] السورة ﴿ تَذْكِرَةٌ ﴾ عظة ﴿ فَمَن شَآءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلا ﴾ [المزمل : ١٩] بالتقرب إليه بالطاعة له واتباع رسوله ﴿ وَمَآ ﴾ اتخاذ السبيل إلى الله.
وبالياء : مكي وشامي وأبو عمرو.
ومحل ﴿ تَشَآءُونَ إِلا أَن يَشَآءَ اللَّهُ ﴾ [الإنسان : ٣٠] النصب على الظرف أي إلا وقت مشيئة الله، وإنما يشاء الله ذلك ممن علم منه اختياره ذلك.
وقيل : هو لعموم المشيئة في الطاعة والعصيان والكفر والإيمان فيكون حجة لنا على المعتزلة ﴿ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا ﴾ [النساء : ١١] بما يكون منهم من الأحوال ﴿ حَكِيمًا ﴾ مصيباً في الأقوال والأفعال ﴿ يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ ﴾ [الشورى : ٨] وهم المؤمنون ﴿ فِى رَحْمَتِهِ ﴾ [التوبة : ٩٩] جنته لأنها برحمته تنال وهو حجة على المعتزلة لأنهم يقولون قد شاء أن يدخل كلاً في رحمته لأنه شاء إيمان الكل، والله تعالى أخبر أنه يدخل من يشاء في رحمته وهو الذي علم منه أنه يختار الهدى ﴿ وَالظَّـالِمِينَ ﴾ الكافرين لأنهم وضعوا العبادة في غير موضعها ونصب بفعل مضمر يفسره ﴿ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمَا ﴾ [الإنسان : ٣١] نحو : أوعد وكافأ.
٤٧٠


الصفحة التالية
Icon