﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الارْضَ كِفَاتًا ﴾ [المرسلات : ٢٥] هو كفت الشيء إذا ضمه وجمعه وهو اسم ما يكفت كقولهم الضمام لما يضم وبه انتصب ﴿ أَحْيَآءً وَأَمْوَاتًا ﴾ [المرسلات : ٢٦] كأنه قيل : كافتة أحياء وأمواتاً، أو بفعل مضمر يدل عليه ﴿ كِفَاتًا ﴾ وهو تكفت أي تكفت أحياء على ظهرها وأمواتاً في بطنها، والتنكير فيهما للتفخيم أي تكفت أحياء لا يعدون وأمواتاً لا يحصرون ﴿ وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِىَ ﴾ [المرسلات : ٢٧] جبالاً ثوابت ﴿ شَـامِخَـاتٍ ﴾ عاليات ﴿ وَأَسْقَيْنَـاكُم مَّآءً فُرَاتًا ﴾ [المرسلات : ٢٧] عذاباً ﴿ وَيْلٌ يَوْمَـاـاِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات : ١٥] بهذه النعمة ﴿ انطَلِقُوا إِلَى مَا كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المرسلات : ٢٩] أي يقال لكافرين يوم القيامة سيروا إلى النار التي كنتم بها تكذبون ﴿ انطَلِقُوا ﴾
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٣
تكرير للتوكيد ﴿ إِلَى ظِلٍّ ﴾ [المرسلات : ٣٠] دخان جهنم ﴿ ذِى ثَلَـاثِ شُعَبٍ ﴾ [المرسلات : ٣٠] يتشعب لعظمه ثلاث شعب وهكذا الدخان العظيم يتفرق ثلاث فرق ﴿ لا ظَلِيلٍ ﴾ [المرسلات : ٣١] نعت ظل أي لا مظل من حر ذلك اليوم وحر النار ﴿ وَلا يُغْنِى ﴾ [مريم : ٤٢] في محل الجر أي وغير مغنٍ لهم ﴿ مِنَ اللَّهَبِ ﴾ [المرسلات : ٣١] من حر اللهب شيئاً ﴿ إِنَّهَا ﴾ أي النار ﴿ تَرْمِى بِشَرَرٍ ﴾ [المرسلات : ٣٢] هو ما تطاير من النار ﴿ كَالْقَصْرِ ﴾ في العظم.
وقيل : هو الغليظ من الشجر الواحدة قصرة ﴿ كَأَنَّهُ جِمَـالَتٌ ﴾ [المرسلات : ٣٣] كوفي غير أبي بكر جمع جمل جمالات غيرهم جمع الجمع ﴿ صُفْرٌ ﴾ جمع أصفر أي سود تضرب إلى الصفرة، وشبه الشرر بالقصر لعظمه وارتفاعه، وبالجمال للعظم والطول واللون ﴿ وَيْلٌ يَوْمَـاـاِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات : ١٥] بأن هذه صفتها.
٤٧٣
﴿ هَـاذَا يَوْمُ لا يَنطِقُونَ ﴾ [المرسلات : ٣٥] وقرىء بنصب اليوم أي هذا الذي قص عليكم واقع يومئذ، وسئل ابن عباس رضي الله عنهما عن هذه الآية وعن قوله ﴿ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَـامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ [الزمر : ٣١] (الزمر : ١٣) فقال : في ذلك اليوم مواقف في بعضها يختصمون وفي بعضها لا ينطقون.
أو لا ينطقون بما ينفعهم فجعل نطقهم كلا نطق.
﴿ وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ ﴾ [المرسلات : ٣٦] في الاعتذار ﴿ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ عطف على ﴿ يُؤْذَنُ ﴾ منخرط في سلك النفي أي لا يكون لهم إذن واعتذار ﴿ وَيْلٌ يَوْمَـاـاِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات : ١٥] بهذا اليوم ﴿ هَـاذَا يَوْمُ الْفَصْلِ ﴾ [الصافات : ٢١] بين المحق والمبطل والمحسن والمسيء بالجزاء ﴿ جَمَعْنَـاكُمْ ﴾ يا مكذبي محمد ﴿ وَالاوَّلِينَ ﴾ والمكذبين قبلكم ﴿ فَإِن كَانَ لَكُمْ كَيْدٌ ﴾ [المرسلات : ٣٩] حيلة في دفع العذاب ﴿ فَكِيدُونِ ﴾ فاحتالوا عليّ بتخليص أنفسكم من العذاب.
والكيد متعدٍ تقول : كدت فلاناً إذا احتلت عليه ﴿ وَيْلٌ يَوْمَـاـاِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات : ١٥] بالبعث.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٣
﴿ إِنَّ الْمُتَّقِينَ ﴾ [الحجر : ٤٥] من عذاب الله ﴿ فِى ظِلَـالٍ ﴾ [يس : ٥٦] جمع ظل ﴿ وَعُيُونٍ ﴾ جارية في الجنة ﴿ وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ ﴾ [المرسلات : ٤٢] أي لذيذة مشتهاة ﴿ كُلُوا وَاشْرَبُوا ﴾ [البقرة : ٦٠] في موضع الحال من ضمير ﴿ الْمُتَّقِينَ ﴾ في الظرف الذي هو ﴿ فِى ظِلَـالٍ ﴾ [يس : ٥٦] أي هم مستقرون في ظلال مقولاً لهم ذلك ﴿ هَنِياـاَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الطور : ١٩] في الدنيا ﴿ إِنَّا كَذَالِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات : ٨٠] فأحسنوا تجزوا بهذا ﴿ وَيْلٌ يَوْمَـاـاِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات : ١٥] بالجنة ﴿ كُلُوا وَتَمَتَّعُوا ﴾ [المرسلات : ٤٦] كلام مستأنف خطاب للمكذبين في الدنيا على وجه التهديد كقوله :﴿ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ ﴾ [فصلت : ٤٠] (فصلت : ٠٤) ﴿ قَلِيلا ﴾ لأن متاع الدنيا قليل ﴿ إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ ﴾ [المرسلات : ٤٦] كافرون أي إن كل مجرى يأكل ويتمتع أياماً قلائل ثم يبقى في الهلاك الدائم ﴿ وَيْلٌ يَوْمَـاـاِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ ﴾ [المرسلات : ١٥] بالنعم
٤٧٤


الصفحة التالية
Icon