﴿ يَوْمَ يُنفَخُ ﴾ [الأنعام : ٧٣] بدل من ﴿ يَوْمُ الْفَصْلِ ﴾ [المرسلات : ١٤] أو عطف بيان ﴿ فِى الصُّورِ ﴾ [ق : ٢٠] في القرن ﴿ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ﴾ [النبأ : ١٨] حال أي جماعات مختلفة أو أمماً كل أمة مع رسولها ﴿ وَفُتِحَتِ السَّمَآءُ ﴾ [النبأ : ١٩] خفيف : كوفي أي شقت لنزول الملائكة ﴿ فَكَانَتْ أَبْوَابًا ﴾ [النبأ : ١٩] فصارت ذات أبواب وطرق وفروج
٤٧٧
ومالها اليوم من فروج ﴿ وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ ﴾ [النبأ : ٢٠] عن وجه الأرض ﴿ فَكَانَتْ سَرَابًا ﴾ [النبأ : ٢٠] أي هباء تخيّل الشمس أنه ماء ﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا ﴾ [النبأ : ٢١] طريقاً عليه ممر الخلق فالمؤمن يمر عليها والكافر يدخلها.
وقيل : المرصاد الحد الذي يكون فيه الرصد أي هي حد الطاغين الذين يرصدون فيه للعذاب وهي مآبهم، أو هي مرصاد لأهل الجنة ترصدهم الملائكة الذين يستقبلونهم عندها لأن مجازهم عليها ﴿ لِّلطَّـاغِينَ مَـاَابًا ﴾ [النبأ : ٢٢] للكافرين مرجعاً ﴿ لَّـابِثِينَ ﴾ ماكثين حال مقدرة من الضمير في ﴿ لِلطَّـاغِينَ ﴾ حمزة ﴿ لَّـابِثِينَ ﴾ واللبث أقوى إذ اللابث من وجد منه اللبث وإن قل، واللبث من شأنه اللبث والمقام في المكان ﴿ فِيهَآ ﴾ في جهنم ﴿ أَحْقَابًا ﴾ ظرف جمع حقب وهو الدهر ولم يرد به عدد محصور بل الأبد كلما مضى حقب تبعه آخر إلى غير نهاية، ولا يستعمل الحقب والحقبة إلا إذا أريد تتابع الأزمنة وتواليها.
وقيل : الحقب ثمانون سنة.
وسئل بعض العلماء عن هذه الآية فأجاب بعد عشرين سنة ﴿ لَّـابِثِينَ فِيهَآ أَحْقَابًا ﴾ [النبأ : ٢٣].
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٦
﴿ لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا ﴾ [النبأ : ٢٤] أي غير ذائقين حال من ضمير ﴿ لَّـابِثِينَ ﴾ فإذا انقضت هذه الأحقاب التي عذبوا فيها بمنع البرد والشراب بدلوا بأحقاب أخر فيها عذاب آخر وهي أحقاب بعد أحقاب لا انقطاع لها.
وقيل : هو من حقب عامنا إذا قل مطره وخيره، وحقب فلان إذا أخطأه الرزق فهو حقب وجمعه حقاب فينتصب حالاً عنهم أي لابثين فيها حقبين جهدين و ﴿ لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْدًا وَلا شَرَابًا ﴾ [النبأ : ٢٤] تفسير له.
وقوله ﴿ إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا ﴾ [النبأ : ٢٥] استثناء منقطع أي ﴿ لا يَذُوقُونَ ﴾ [النبأ : ٢٤] في جهنم أو في الأحقاب ﴿ بَرْدًا ﴾ روحاً ينفس عنهم حر النار أو نوماً ومنه منع البرد البرد، ﴿ وَلا شَرَابًا ﴾ [النبأ : ٢٤] يسكن عطشهم ولكن يذوقون فيها حميماً ماء حاراً يحرق ما يأتي عليه ﴿ وَغَسَّاقًا ﴾ ماء يسيل من صديدهم.
وبالتشديد : كوفي غير أبي بكر ﴿ جَزَآءُ ﴾ جوزوا جزاء ﴿ وِفَاقًا ﴾ موافقاً لأعمالهم مصدر بمعنى الصفة أو ذا وفاق.
ثم استأنف معللاً فقال ﴿ إِنَّهُمْ كَانُوا لا يَرْجُونَ حِسَابًا ﴾ [النبأ : ٢٧] لا يخافون
٤٧٨
محاسبة الله إياهم أو لم يؤمنوا بالبعث فيرجوا حساباً ﴿ وَكَذَّبُوا بِـاَايَـاتِنَا كِذَّابًا ﴾ [النبأ : ٢٨] تكذيباً وفعّال في باب فعّل كله فاش ﴿ وَكُلَّ شَىْءٍ ﴾ [يس : ١٢] نصب بمضمر يفسره ﴿ أَحْصَيْنَـاهُ كِتَـابًا ﴾ [النبأ : ٢٩] مكتوباً في اللوح حال أو مصدر في موضع إحصاء، أو أحصيناً في معنى كتبنا لأن الاحصاء يكون بالكتابة غالباً.
وهذه الآية اعتراض لأن قوله ﴿ فَذُوقُوا ﴾ مسبب عن كفرهم بالحساب وتكذيبهم بالآيات أي فذوقوا جزاءكم والالتفات شاهد على شدة الغضب ﴿ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلا عَذَابًا ﴾ [النبأ : ٣٠] في الحديث " هذه الآية أشد ما في القرآن على أهل النار ".
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٦
﴿ إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا ﴾ [النبأ : ٣١] مفعل من الفوز يصلح مصدراً أي نجاة من كل مكروه وظفراً بكل محبوب ويصلح للمكان وهو الجنة.
ثم أبدل منه بدل البعض من الكل فقال ﴿ حَدَآ ـاِقَ ﴾ بساتين فيها أنواع الشجر المثمر جمع حديقة ﴿ وَأَعْنَـابًا ﴾ كروماً عطف على ﴿ حَدَآ ـاِقَ ﴾ ﴿ وَكَوَاعِبَ ﴾ نواهد ﴿ أَتْرَابًا ﴾ لدات مستويات في السن ﴿ وَكَأْسًا دِهَاقًا ﴾ [النبأ : ٣٤] مملوءة.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٤٧٩


الصفحة التالية
Icon