سورة العاديات
مختلف فيها وهي إحدى عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ وَالْعَـادِيَـاتِ ضَبْحًا ﴾ [العاديات : ١] أقسم بخيل الغزاة تعدو فتضبح، والضبح : صوت أنفاسها إذا عدون.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه حكاه فقال : أح أح.
وانتصاب ﴿ ضَبْحًا ﴾ على يضبحن ضبحاً ﴿ فَالمُورِيَـاتِ ﴾ تورى نار الحباحب وهي ما ينقدح من حوافرها ﴿ قَدْحًا ﴾ قادحات صاكات بحوافرها الحجارة، والقدح : الصك، والإيراء : إخراج النار، تقول : قدح فأورى وقدح فأصلد.
وانتصب ﴿ قَدْحًا ﴾ بمانتصب به ﴿ ضَبْحًا ﴾ ﴿ فَالْمُغِيرَاتِ ﴾ تغير على العدو ﴿ صُبْحًا ﴾ في وقت الصبح ﴿ فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا ﴾ [العاديات : ٤] فهيجن بذلك الوقت غباراً ﴿ فَوَسَطْنَ بِهِ ﴾ [العاديات : ٥] بذلك الوقت ﴿ جَمْعًا ﴾ من جموع الأعداء ووسطه بمعنى توسطه.
وقيل : الضمير لمكان الغارة أو للعدو الذي دل عليه.
﴿ وَالْعَـادِيَـاتِ ﴾ وعطف ﴿ فَأَثَرْنَ ﴾ على الفعل الذي وضع اسم الفاعل موضعه لأن المعنى واللاتي عدون فأورين فأغرن فأثرن.
وجواب القسم ﴿ إِنَّ الانسَـانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ ﴾ [العاديات : ٦] لكفور أي إنه لنعمة ربه خصوصاً لشديد الكفران ﴿ وَإِنَّهُ ﴾ وإن الإنسان ﴿ عَلَى ذَالِكَ ﴾ [النساء : ١٣٣] على كنوده ﴿ لَشَهِيدٌ ﴾ يشهد على نفسه، أو وإن الله على كنوده لشاهد على سبيل الوعيد ﴿ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ ﴾ [العاديات : ٨] وإنه
٥٤٩
لأجل حب المال لبخيل ممسك، أو إنه لحب المال لقوي وهو لحب عبادة الله ضعيف ﴿ أَفَلا يَعْلَمُ ﴾ [العاديات : ٩] الإنسان ﴿ إِذَا بُعْثِرَ ﴾ [العاديات : ٩] بعث ﴿ مَا فِى الْقُبُورِ ﴾ [العاديات : ٩] من الموتى و " ما " بمعنى " من " ﴿ وَحُصِّلَ مَا فِى الصُّدُورِ ﴾ [العاديات : ١٠] ميز ما فيها من الخير والشر ﴿ إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَـاـاِذٍ لَّخَبِيرُ ﴾ [العاديات : ١١] لعالم فيجازيهم على أعمالهم من الخير والشر، وخص ﴿ يَوْمَـاـاِذٍ ﴾ بالذكر وهو عالم بهم في جميع الأزمان لأن الجزاء يقع يومئذ والله أعلم.
٥٥٠
سورة القارعة
مكية وهي إحدى عشرة آية

بسم الله الرحمن الرحيم

﴿ الْقَارِعَةُ ﴾ مبتدأ ﴿ مَا ﴾ مبتدأ ثانٍ ﴿ الْقَارِعَةُ ﴾ خبره والجملة خبر المبتدأ الأول، وكان حقه ما هي وإنما كرر تفخيماً لشأنها ﴿ وَمَآ أَدْرَاـاكَ مَا الْقَارِعَةُ ﴾ [القارعة : ٣] أي أيّ شيء أعلمك ما هي ومن أين علمت ذلك؟ ﴿ يَوْمَ ﴾ نصب بمضمر دلت عليه القارعة أي تقرع يوم ﴿ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ﴾ [القارعة : ٤] شبههم بالفراش في الكثرة والانتشار والضعف والذلة والتطاير إلى الداعي من كل جانب كما يتطاير الفراش إلى النار، وسمي فراشاً لتفرشه وانتشاره ﴿ وَتَكُونُ الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنفُوشِ ﴾ [القارعة : ٥] وشبه الجبال بالعهن وهو الصوف المصبغ ألوناً لأنها ألوان ﴿ وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدُ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا ﴾ [فاطر : ٢٧](فاطر : ٧٢) وبالمنفوش منه لتفرق أجزائها ﴿ فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ ﴾ [القارعة : ٦] باتباعهم الحق وهي جمع موزون
٥٥١
وهو العمل الذي له وزن وخطر عند الله، أو جمع ميزان وثقلها رجحانها ﴿ فَهُوَ فِى عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ ﴾ [الحاقة : ٢١] ذات رضا أو مرضية ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ ﴾ [القارعة : ٨] باتباعهم الباطل ﴿ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴾ [القارعة : ٩] فمسكنه ومأواه النار.
وقيل : للمأوى أمٌّ على التشبيه لأن الأم مأوى الولد ومفزعه ﴿ وَمَآ أَدْرَاـاكَ ﴾ الضمير يعود إلى ﴿ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ ﴾ [القارعة : ٩] والهاء للسكت ثم فسرها فقال ﴿ نَارٌ حَامِيَةُ ﴾ [القارعة : ١١] بلغت النهاية في الحرارة والله أعلم.
٥٥٢


الصفحة التالية
Icon