﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ ﴾ [الزمر : ٧١] سوقاً عنيفاً، كما يفعل بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل ﴿ زُمَرًا ﴾ حال أي أفواجاً متفرقة بعضها في أثر بعض ﴿ حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا فُتِحَتْ ﴾ [الزمر : ٧١] بالتخفيف فيهما : كوفي ﴿ أَبْوَابُهَا ﴾ وهي سبعة ﴿ وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَآ ﴾ [الزمر : ٧١] أي حفظة جهنم وهم الملائكة الموكلون بتعذيب أهلها ﴿ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ ﴾ [الزمر : ٧١] من بني آدم ﴿ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ ءَايَـاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـاذَا ﴾ [الزمر : ٧١] أي وقتكم هذا وهو وقت دخولهم النار لا يوم القيامة ﴿ قَالُوا بَلَى ﴾ [الأعراف : ١٧٢] أتونا
٩٩
وتلوا علينا ﴿ وَلَـاكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَـافِرِينَ ﴾ [الزمر : ٧١] أي ولكن وجبت علينا كلمة الله لأملأن جهنم بسوء أعمالنا كما قالوا :﴿ غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَآلِّينَ ﴾ [المؤمنون : ١٠٦] (المؤمنون : ٦٠١)، فذكروا عملهم الموجب لكلمة العذاب وهو الكفر والضلال.
﴿ قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَـالِدِينَ فِيهَا ﴾ [الزمر : ٧٢] حال مقدرة أي مقدرين الخلود ﴿ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [الزمر : ٧٢] اللام فيه للجنس لأن ﴿ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ ﴾ [النحل : ٢٩] فاعل " بئس " و " بئس " فاعلها اسم معرف بلام الجنس أو مضاف إلى مثله، والمخصوص بالذم محذوف تقديره فبئس مثوى المتكبرين جهنم.
﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ﴾ [الزمر : ٧٣] المراد سوق مراكبهم، لأنه لا يذهب بهم إلا راكبين إلى دار الكرامة والرضوان كما يفعل بمن يكرم ويشرف من الوافدين على بعض الملوك ﴿ حَتَّى إِذَا جَآءُوهَا ﴾ [الزمر : ٧١] هي التي تحكى بعدها الجمل والجملة المحكية بعدها هي الشرطية إلا أن جزاءها محذوف، وإنما حذف لأنه في صفة ثواب أهل الجنة فدل بحذفه على أنه شيء لا يحيط به الوصف، وقال الزجاج : تقديره حتى إذا جاءوها ﴿ وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَـامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَـالِدِينَ ﴾ [الزمر : ٧٣] دخلوها فحذف دخولها ؛ لأن في الكلام دليلاً عليه.
وقال قوم : حتى إذا جاءوها وجاءوها وفتحت أبوابها فعندهم جاءوها محذوف، والمعنى : حتى إذا جاءوها وقع مجيئهم مع فتح أبوابها، وقيل : أبواب جهنم لا تفتح إلا عند دخول أهلها فيها، وأما أبواب الجنة فمتقدم فتحها لقوله تعالى :﴿ جَنَّـاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الابْوَابُ ﴾ [ص : ٥٠] (ص : ٠٥).
فلذلك جيء بالواو كأنه قال : حتى إذا جاءوها وقد فتحت أبوابها طبتم من دنس المعاصي، وطهرتم من خبث الخطايا، وقال الزجاج : أي كنتم طيبين في الدنيا ولم تكونوا خبيثين أي لم تكونوا أصحاب خبائث، وقال ابن عباس : طاب لكم المقام، وجعل دخول الجنة سببا عن الطيب والطهارة لأنها دار الطيبين ومثوى الطاهرين قد طهر من كل دنس وطيبها من كل قذر، فلا يدخلها إلا مناسب لها موصوف بصفتها.
١٠٠
جزء : ٤ رقم الصفحة : ٩٥


الصفحة التالية
Icon