﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلا مِّن قَبْلِكَ ﴾ [الرعد : ٣٨] إلى أممهم ﴿ مِنْهُم مَّن قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُم مَّن لَّمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ ﴾ [غافر : ٧٨] قيل : بعث الله ثمانية آلاف نبي : أربعة آلاف من بني إسرائيل وأربعة آلاف من سائر الناس.
وعن علي رضي الله عنه : إن الله تعالى بعث نبياً أسود فهو ممن لم تذكر قصته في القرآن ﴿ اللَّهِ ﴾ وهذا جواب اقتراحهم الآيات عناداً يعني إنا قد أرسلنا كثيراً من الرسل وما كان لواحد منهم أن يأتي بآية إلا بإذن الله فمن أين لي بأن آتي بآية مما تقترحونه إلا أن يشاء الله ويأذن في الإتيان بها؟ ﴿ فَإِذَا جَآءَ أَمْرُ اللَّهِ ﴾ [غافر : ٧٨] أي يوم القيامة وهو وعيد ورد عقيب اقتراحهم الآيات ﴿ قُضِىَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ [غافر : ٧٨] المعاندون الذين اقترحوا الآيات عناداً.
جزء : ٤ رقم الصفحة : ١٢٥
﴿ اللَّهُ الَّذِى جَعَلَ ﴾ [غافر : ٦٤] خلق ﴿ لَكُمُ الانْعَـامَ ﴾ [الحج : ٣٠] الإبل ﴿ لِتَرْكَبُوا مِنْهَا وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ ﴾ [غافر : ٧٩] أي لتركبوا بعضها وتأكلوا بعضها ﴿ وَلَكُمْ فِيهَا مَنَـافِعُ ﴾ [المؤمنون : ٢١] أي الألبان والأوبار ﴿ وَلِتَبْلُغُوا عَلَيْهَا حَاجَةً فِى صُدُورِكُمْ ﴾ [غافر : ٨٠] أي لتبلغوا عليها ما تحتاجون إليه من الأمور ﴿ وَعَلَيْهَا ﴾ وعلى الأنعام ﴿ وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ ﴾ [المؤمنون : ٢٢] أي على الأنعام وحدها لا تحملون ولكن عليها وعلى الفلك في البر والبحر ﴿ وَيُرِيكُمْ ءَايَـاتِهِ فَأَىَّ ءَايَـاتِ اللَّهِ تُنكِرُونَ ﴾ [غافر : ٨١] أنها من عند الله.
و ﴿ أَيُّ ﴾ نصب ـ ﴿ تُنكِرُونَ ﴾ وقد جاءت على اللغة المستفيضة.
وقولك " فأية آيات الله " قليل لأن التفرقة بين المذكر والمؤنث في الأسماء غير الصفات نحو حمار وحمارة غريب وهي في " أي " أغرب لإبهامه
١٢٥
﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِى الارْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَـاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْهُمْ ﴾ [غافر : ٨٢] عدداً ﴿ وَأَشَدَّ قُوَّةً ﴾ [غافر : ٨٢] بدناً ﴿ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِى ﴾ [غافر : ٢١] قصوراً ومصانع.
﴿ فَمَآ أَغْنَى عَنْهُم ﴾ [الأحقاف : ٢٦] " ما " نافية ﴿ مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَـاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم ﴾ يريد علمهم بأمور الدنيا ومعرفتهم بتدبيرها كما قال ﴿ يَعْلَمُونَ ظَـاهِرًا مِّنَ الْحَيَواةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الاخِرَةِ هُمْ غَـافِلُونَ ﴾ [الروم : ٧] (الروم : ٧) فلما جاءتهم الرسل بعلوم الديانات وهي أبعد شيء من علمهم لبعثها على رفض الدنيا والظلف عن الملاذ والشهوات، لم يلتفتوا إليها وصغروها واستهزءوا بها واعتقدوا أنه لا علم أنفع وأجلب للفوائد من علمهم ففرحوا به، أو علم الفلاسفة والدهريين فإنهم كانوا إذا سمعوا بوحي الله دفعوه وصغروا علم الأنبياء إلى علمهم.
وعن سقراط أنه سمع بموسى عليه السلام وقيل له : لو هاجرت إليه فقال : نحن قوم مهذبون فلا حاجة بنا إلى من يهذبنا، أو المراد فرحوا بما عند الرسل من العلم فرح ضحك منه واستهزاء به كأنه قال : استهزءوا بالبينات وبما جاءوا به من علم الوحي فرحين مرحين، ويدل عليه قوله ﴿ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ ﴾ [هود : ٨] أو الفرح للرسل أي الرسل لما رأوا جهلهم واستهزاءهم بالحق وعلموا سوء عاقبتهم وما يلحقهم من العقوبة على جهلهم واستهزائهم.
﴿ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ﴾ [غافر : ٨٤] شدة عذابنا ﴿ قَالُوا ءَامَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنَا بِمَا كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ * فَلَمْ يَكُ يَنفَعُهُمْ إِيمَـانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا ﴾ أي فلم يصح ولم يستقم أن
١٢٦