كما في الحديث وكان عرش الرحمن والفائدة في ذكر العرش عقيب ما تقدم إن العرش بحاله خلاف السماء والأرض ولذلك لا يفنى وإيضاله وجه آخر سيأتي وعن علي بن الحسن رضي الله عنهما قال إن الله خلق العرش رابعاً لم يخلق قبله إلا ثلاثة الهواء والقلم والنور ثم خلق العرش من أنوار مختلفة من ذلك نور ضر منه أخضرت الخضرة نور أصفر منه أصفرت الصفرة ونور أحمر منه أحمرت الحمرة ونور أبيض وهو نور الأنوار ومه ضوء النهار قال بعض الكبار الأنوار أربعة على عدد المراتب الأربع فإذا أعطى الأنوار يعطي في مرتبة الطبيعة نور أسود وفي مرتبة النفس نوراً أحمر وفي مرتبة الروح نوراً أخضر وفي مرتبة السر نوراً أبيض ﴿فَوْقَهُمْ﴾ أي فوق الملائكة الذين هم على الأرجاء أو فوق الثمانية أي يحملون العرش فوق أنفسهم فالحمول لا يلزم أن يكون فوق الحامل فقد يكون في يده وقد يكون في جيبه فكل واحد من قوله فوقهم ويومئذٍ ظرف لقوله يحمل حينئذ وأما على التقدير الأول فالظاهر أن فوقهم حال من ثمانية قدمت عليها لكونها نكرة ﴿يَوْمَـاـاِذٍ﴾ أي يوم القيامة ﴿ثَمَـانِيَةٌ﴾ من الملائكة عن النبي عليه السلام هم اليوم أربعة فإذا كان يوم القيامة أيدهم الله بأربعة أخرى فيكون ثمانية قال بعض العلماء الأربعة اللاحقة إشارة إلى الأئمة الأربعة الذين هم أبو حنيفة والشافعي ومالك وأحمد لأنهم اليوم حملة الشرع فإذا كان يوم القيامة انقلب الشرع العرش فيكونون من حملته حكماً وروى ثمانية أملاك أرجلهم في تخوم الأرض السابعة والعرش فوق رؤوسهم وهم مطرقون مسيحون قال عليه السلام، إذن لي أن أحدث عن ملك من حملة العرش من شحمة إذنه إلى عاتقه خفقان الطير مسيرة سبعمائة سنة يقول سبحانك حيث كتت قال يحيى بن سلام بلغني إن اسمه زوقيل وعن الحسن البصري قدس سره ثمانية أي ثمانية آلاف وعن الضحاك ثمانية صفوف لا يعلم عددهم إلا الله.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
يقول الفقير : الأنسب هو الأول لكونه أدخل في العظمة والهيبة وإظهار والقدرة ولأن الأركان أربعة كآكان الكعبة وأركان القلب إذ في يمين القلب الروح والسر وفي يساره النفس والطبيعة وباعتبار الظاهر والباطن يحصل ثمانية إلاف إذ الأف تفصيل الواحد بحيث لا تفصيل وراءه إلا باعتبار التضعيف والله أعلم ومر في أوائل سورة حم المؤمن بعض ما يتعلق بهذا المقام فلا نعيده.
وفي التأويلات النجمية : يشير إلى عشر الذات الحاملة للصفات الثمانية الذاتية الغيبية التي هي مفاتيح الغيب الموصوفة بحمل ذوات الصفات والصفات تحمل ظهورات الصفات فافهم ﴿يَوْمَـاـاِذٍ﴾ العامل فيه قوله ﴿تُعْرَضُونَ﴾ على الله أي تسألون وتحاسبون عبر عنه بذلك تشبيهاً له بعرض السلطان العسكر لتعرف أحوالهم يقال عرض الجند إذا أمرهم عليه ونظر ما حالهم والخطاب عام للكل على التغليب.
(روى) أن في يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فاعتذار واحتجاج وتوبيخ وإما الثالثة ففيها تنشر الكتب فيُذ الفائز كتابه بيمينه والهالك بشماله وهذا العرض وإن كان بعد النفخة الثانية لكن لما كان اليوماسماً لزمان متسع يقع فيه النفختان والصعقة والنشورو الحساب وإدخال أهل الجنة الجة وأهل النار النار صح جعله ظرفا للكل كما تقول جئت عام كذا وإنما كان مجيئك في وقت واحد من أوقاته
١٣٩
وذهب المشبهة من حمل العرش والعرض إلى كونه تعالى محمولاً حاضراً في العرش وأجيب بأنه تمثل لعظمة الله بما يشاهد من أحوال السلاطين يوم بروزهم للقضاء العام فيكون المراد من إتيانه تعالى في ظلل من الغام إتيان أمره وقضائه وأما حديث التحول فمحمول على ظهوره تعالى في مرتبة الصفت ولا مناقشة فيه لأن النبي عليه اسلام رآه ليلة المعراج في صورة شاب امرد في الصورة الإنسانية أجمع الصور ومثله الرؤيا المنامنية والله تعالى منزه في ذته عن أوصاف الجسمانيات ﴿لا تَخْفَى مِنكُمْ خَافِيَةٌ﴾ حال من مرفوع تعرضون ومنكم كان في الأصل صفة لخافية قدم للفاصلة فتحول حالاً أي تعرضون غير خاف عليه تعالى فعلة خفيفة أي سر من أسراركم وإنما العرض لإفشاء الحال والمبالغة في العدل وغير خاف يومئذٍ على الناس كقوله تعالى :﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَآاـاِرُ﴾ فقوله منكم يتعلق بما قبله وما بعده على التجاذب.