ولو تقول علينا بعض الأقاويل} كما يتقوله الشعراء أي ولو ادعى محمد علينا شيئاً لم نقله كما تزعمون كما قال تعالى :﴿أَمْ يَقُولُونَ﴾ تقوله بل لا يؤمنون وفي ذكر البعض إشارة إلى أن القليل كاف في المؤاخذة الآتية فضلاً عن الكثير سمى الافتراء تولا وهو بناء التكلف لأنه قول متكلف كما قال صاحب الكشاف التقول افتعال القول لأن فيه تكلفاً من المفتعل وسميت الأقول المفتراة أقاويل تحقيراً لها لأن صيغة افعولة إنما تطلق على محقرات الأمور وغرائبها
١٥٠
كالأعجوبة لما يتعجب منه والأضحوكوة لما يضحك منه وكان الأقاويل جمع أقوولة من القول وإن لم يثبت عن نقلة اللغلة ولم يكن أقوولة مستعملاً لكن كونه على صورة جمع افعولة كاف في التحقير ويؤيدانه ليس جمع الأقوال لزوم أن لا يعاقب بما دون ثلاثة أقوال فالأقاويل ههنا بمعنى الأقوال لا إنه جمعه وفي حواشي ابن لشيخ الظاهر إن الأقاويل جمع أقوال جمع قول كأناعيم جمع أنعام جمع نعم لأخذنا منه} حال من قوله ﴿بِالْيَمِينِ﴾ أي بيمينه وقال سعدى المفتي هو من باب ألم نشرح لك في التفصيل بعد الإجمال ﴿ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ﴾ أي نياط قلبه بضرب عنقه والنياط عرف أبيض غليظ كالقصبة علق به القلب إذا انقطع مات صاحبه وفي المفردات الوتين عرق يسقي الكبد إذا انقطع مات صاحبه ولم يقل لأهلكناه أو لضربنا عنقه لأنه تصوير لإهلاكه بأفظع ما يفعله الملوك بمن يغضبون عليه وهو أن يأخذ القتال بيمينه ويكفحه باليف ويضرب عنقه فإنه إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاء أخذ بيساره وإذا أراد أنيوقعه في جيده وأن يكفحه بالسيف أي يواجهه وهو أشد من المصبور لنظره إلى السيف أخذ بيمينه فلذا خص اليمين درن اليسار وفي المفردات لأخذنا منه باليمين أي منعناه ودفعناه فعبر عن ذلك بالأخذ باليمين كقولك خذ بيمين فلان انتهى.
وقيل اليمين بمعنى القوة فالمنى لانتقمنا بقوتنا وقدرتنا وقيل المعنى حينئذٍ لأخذنا منه اليمين وسلبنا منه القوة والقدرة على التكلم بذلك على أن الباء صلة أي زائدة وعبر عن القوة باليمين لأن قوة كل شيء في ميامنه فيكون من قبيل ذكر المحل وإرادة الحال أو ذكر الملزوم وإرادة اللازم ﴿فَمَا مِنكُم﴾ أيها الناس ﴿مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ﴾ أي عن القتل أو المقتول وهو متعلق بقوله
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
﴿حَـاجِزِينَ﴾ دافعين وهو صوف لأحد فإنه عام لوقوعه في سياق النفي كما في قوله عليه السلام، لم تحل الغنائم لأحد أسود الرأس غيرنا فمن أحد في موضع الرفع بالابتداء ومن زائدة لتأكيد النفي ومنكم خبره والمعنى فما منكم قوم يحجزون عن المقتول أو عن قتله وإهلاكه المدلول عليه بقوله ثم لقطعنا منه التين أي لا يقدر على الحجز والدفع وهذا مبني على أصل بني تميم فإنعهم لا يعلمون ما لدخولها على القبيلتين وقد يجعل حاجزين خبراً لما على اللغة الجحازية ولعله أولى فتكون كلمة ما هي المشبهة بليس فمن أحد اسم ما وحاجزين منصوب على إنه خبرها ومنكم حال مقدم وكان في الأصل صفة لأحد وفي الآية تنبيه على أن النبي عليه السلام لو قال من عن نفسه شيئاً أو زاد أو نقص حرفاً واحداً على ما أوحى إليه لعاقبه الله وهو أكرم الناس عليه فما ظنك بغيره منم قصد تغيير شيء من كتاب الله أو قال شيئاً من ذات نفسه كما ضل بذلك بعض الفرق الضالة ﴿وَأَنَّهُ﴾ أي القرآن ﴿لَتَذْكِرَةٌ﴾ موعظة وبالفارسية نديست ﴿لِّلْمُتَّقِينَ﴾ لمن اتقى الشرك وحب الدنيا فإنه يتذكر بهذا القرآن وينتفع به بخلاف المشرك ومن مال إلى الدنيا وغلبه حبها فإنه يكذب به ولا ينتفع وفي تاج المصادر التذكير ولتذكرة باياد دادن وحرف را مذكر كردن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٣٠
ومنه الحديث فذكروه أي فأجلوه لأن في تذكير الشي إجلالاً له ﴿وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُم مُّكَذِّبِينَ﴾ أي منكم أيها الناس مكذبين بالقرآن فنجازيهم
١٥١