وهو حفظ الإنسان عن التائبة بما يبذل عنه ﴿مِنْ عَذَابِ يَوْمِـاـاِذ﴾ أي من العذب الذي ابتلوا به يوم إذا كان الأمر ما ذكر وهو بكسر الميم لإضافة العذاب إيه وقرىء يومئذٍ بالفتح على البناء للإضافة إلى غير متمكن ﴿بِبَنِيهِ﴾ أصله بنين سقطت نونه بالإضافة وجمعه لأن كثرتهم محبوبة مرغوب فيها ﴿وَصَـاحِبَتِهِ﴾ زوجته التي يصاحبها ﴿وَأَخِيهِ﴾ الذي كان ظهيراً له ومعيناً والجملة استئناف لبيان إن اشتغال كل مجرم بنفسه بلغ إلى حيث يتمنى أن يفتدى بأقرب الناس إليه وَلقهم بقلبه ويجعله فداء لنفسه حتى ينجو هو من العذاب فضلاً عن أن يهتم بحاله ويسأل عنها كأنه قيل كيف لا يسأل مع تمكنه من السؤال فقيل يود الخ.
﴿وَفَصِيلَتِهِ﴾ وهي في الأصل القطعة المفصولة من الجسد وتطلق على الآباء الأقربين وعلى الأولاد لأن الولد يكون مفصولاً من الأبوين فلما كان الولد مفصولاً منهما كانا مفصولين منه أيضاً فسمى فصيلة لهذا السبب والمراد بالفصيلة في الآية هو الآباء الأقربون والعشيرة الأدنون لقوله وبنيه ﴿وَفَصِيلَتِهِ الَّتِى﴾ أوى إلى كذا انضم إليه وآواه غيره كما قال تعالى آوى إليه أخاه أي ضمه إلى نفسه فمعنى تؤويه تضمه إليها في النسب أو عند الشدائد فيلوذ بها وبالفارسية وخويشان خودراكه جاي داده انداورا دردنيانزد خود يعني ناكاه وى بوده اند
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٥٣
﴿وَمَن فِى الارْضِ جَمِيعًا﴾ من الثقلين والخلائق ومن للتغليب ﴿ثُمَّ يُنجِيهِ﴾ عطف على يفتدى أي يود لو يفدتى ثم ينجيه الافتداء وثم لاستبعاد الإنجاء يعني يتمنى لو كان هؤلاء جميعاً تحت يده وبذلهم في فداء نفسه ثم ينجهي ذلك وهيهات أن ينجيه وفيه إشارة إلى مجرم الروح المنصبغ بصبغة النفس فإنه يود أن يفتدى من هول
١٦٠
عذاب يوم الفراق والاحتجاب ببني القلب وصفاته وصاحبة نفسه وأخي سره وفصيلته أي توابعه وشيعته ومن ي أرض بشريته جميعاً من القوى الروحانية والجسمانية ثم ينجيه هذا الافتداء ولا ينفعه لفساد الاستعداد وفوات الوقت ﴿كَلا﴾ ردع للمجرم عن الودادة وتصريح بامتناع إنجاء الافتداء أي لا يكون كما يتمنى فإنه بهيئته الظلمانية الحاصلة من الإجرام استحق العذاب فلا ينجو منه وفي الحديث يقول الله لأهون أهل النار عذاباً يوم القيامة لو أن لك ما في الأرض من شيء أكنت تفتدي به فيقول نعم فيقول أردت منك أهون من هذا وأنت في صلب آدم أن لا تشرك بي وعن القرطبي أن كلا يكون بمعنى الردع وبمعنى حقاً وكلا الوجهين جائز إن هنا فعلى الثاني يكون تمام الكلام ينجيه فيوقف عليه ويكون كلا من الجملة الثانية التي تليه والمحققون على الأول ومن ذلك وضع السجاوندي علامة الوقف المطلق على كلا ﴿إِنَّهَا﴾ أي النار المدلول عليها بذكر العذاب والمراد جهنم ﴿لَظَى﴾ وهو علم للنار وللدرك الثاني منها منقول من اللظى بمعنى الهب الخالص الذي لا يخالطه دخان فيكون في غاية الإحراق لقوة حرارته النارية بالصفاء وهو خبر إن بمعنى مسماة بهذا الاسم ويجوز أن يراد اللهب الخالص على الأصل فيكون خبراً بلا تأويل.
(كما قال الكاشفي) : بدرستى كه آتش دوزخ كه مجرم ازوفدا دهد زبانه ايست خالص.
(وفي كشف الأسرار) : آن آتشى است زبانه زن ﴿نَزَّاعَةً لِّلشَّوَى﴾ نزع الشيء جذبه من مقره وقلعه والشوى الأطراف أي الأعضاء التي ليست بمقتل كالأيدي والأرجل ونزاعة على الاختصاص للتهويل أي أعني بلظى جذابة للأعضاء الواقعة في أطراف الجسد وقلاعة لها بقوة الإحراق لشدة الحرارة ثم تعود كما كانت وهكذا أبداً والشوى جمع شواة وهي جلدة الرأس يعني أن النار تنزع جلود الرأس وتقشر عنه وذلك لأنهم كانوا يسعون بالأطراف للأذى والجفاء ويصرفون عن الحق الأعضاء الرئيسة التي تشمتلم عليها الرأس خصوصا العقل الذي كانوا لا يعقلون به في الرأس ﴿تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ﴾ أي عن الحق ومعرفته وهو مقابل أقبل ومعنى تدعو تجذب إلى نفسها وتحضر فهو مجاز عن إحضارهم كأنها تدعوهم فتحضرهم.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٥٣
قال الكاشفي) : زبنه ميزند وكافر رابخود ميكشد اتزصد اله ودويست ساله راه نانه مقناطيس آهن راجذب ميكند.
وتقول لهم إلى إلى يا كافر ويا منافق ويا زنديق فإني مستقرك أو تدعو الكافرين والمنافقين بلفظ فصيح بأسمائهم ثم تلقتطهم كالتقاط الطير الحبر ويجوز يخلق الله فيها كلاماً كما يخلقه في جلودهم وأيديهم وأرجلهم وكما خلقه في الشجرة أو تدعو زبانيتها على حذف المضاف أو على الإسناد المجازي حيث أسند فعل الداعي إلى المدعو إليه ﴿وَتَوَلَّى﴾ أي أعرض عن الطاعة لأن من أعرض يولي وجهه وفي التأويلات النجمية : من أدبر عن التوجه إلى الحق بموافقات الشريعة ومخالفات الطبيعة وتولى عن الإقبال على الآخرة والادبار عن الدنيا.