في تكرير ذكر الصلاة ووصفهم بها أولاً وآخراً باعتبارين للدلالة على فضلها وإناقتها على سائر الطاعات وتكرير الموصولات لتنزيل اختلاف الصفات منزلة اختلاف الذوات إيذاناً بأن كل واحدة من تلك الصفات حقيق بأن يفرد لها موصوف مستقل لشأنها الخطير ولا يجعل شيء منها تتمة للأخرى قال بعضهم : دلت هذه الآية على أن التغاير المفهوم من العطف ليس بذتي بلى هو اعتباري إذ لا يخفى إنه ليس المراد من الدائمين طائفة والمحافظين أخرى فالمقصود مدح المؤمنين بما كانوا عليه في عهد رسول الله من الأخلاق الحسنة والأعمال المرضية ففيه ترغيب لمن يجيء منهم إلى يوم القيامة وترهيب عن المخالفة قال في برهان القرآن قوله إلا المصلين عد عقيب ذكرهم الخصال المذكورة أول سورة المؤمنين وزاد في هذه السورة والذين هم بشهاداتهم قائمون لأنه وقع عقيب قوله والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون وإقامة الشهادة أمانة يؤيها إذا احتاج إليها صاحبها لإحياء حق فهي إذا من جملة الأمانة في سورة المؤمنين وخصت هذه السورة بزيادة بيانها كما خصت بإعادة ذكر الصلاة حيث يقول والذين هم على صلاتهم يحافظون بعد قوله إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٥٣
وقال القاشاني : والذي هم على صلاة القلب وهي المراقبة يحافظون أو صلاة النفس على الظاهر وفي فتح الرحمن واتفق القراء على الإفراد في صلاتهم هنا وفي الأنعام بخلاف الحرف المتقدم في المؤمنين لأنه لم يكتنفها فيهما ما كتفها في المؤمنين قبل وبدع من عظيم الوصف المتقدم تعظيم الجزاء في المتأخر فناسب لفظ الجمع ولذلك قرأ به أكثر لقراء ولم يكون ذلك في غيرها فناسب الإفراد أولئك} المصوفون بما كذر من الصفات الفاضلة ﴿فِى جَنَّـاتٍ﴾ أي مستقرون في جنات لا يقادر قدرها ولا يدرك كنهها ﴿مُّكْرَمُونَ﴾ بالثواب الأبدي والجزءا السرمدي أي سيكونون كذلك فكأن الإكرام فيها واقع لهم الآن وهو خبر آخر أو هو الخبر وفي جنات متعلق به قدم عليه لمراعاة الفواصل أو بمضمر هو حال من الضمير في الخبر أي مكرمون كأنيين في جنات ﴿فَمَالِ الَّذِينَ﴾ أي فما بال الذين ﴿كَفَرُوا﴾ وحرموا من الاتصاف بالصفات الجليلة المذكورة وما استفهامية للإنكار في موضع رفع بالابتداء والذين كفروا خبرها واللام الجارة كتبت مفصولة اتباعاً لمصحف عثمان رضي الله عنه، قال ف يفتح الرحمن وقف أبو عمرو والكسائي بخلاف عنه على الألف دون اللام من قوله فمال هؤلاء في النساء ومال هذا الكتاب في الكهف مال هذا الرسول في الفرقان وفمال الذين في سأل ووقف الباقون في فمال على اللام إتباعاً للخط بخلاف عن الكسائي قال ابن عطية ومنعه قوم جملة لأنها حرف جر فهي بعض المجرور وهذا كله بحسب ضرورة وانقطاع نفس وإما إن اختار أحد الوقف فيما ذكرناه ابتداء فلا انتهى.
﴿قِبَلَكَ﴾ حال من المنوى في للذين كفروا أي فما لهم ثابتين حولك ﴿مُهْطِعِينَ﴾ حال من التكن في قبلك من الإهطاع وهو الإسراع أي مسرعين نحوك مادي أعناقهم يك مقبلين بأبصارهم عليك ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ﴾ الجار متعلق بعز بن لأنه بمعنى مفترقين وعزين حال بعد حال من المنوى في للذين أي فرقاشتى وبالفارسية كروه كروه
١٦٨
حلقه زدكان.
جع عزة وهي الفرقة من الناس وأصلها عزوة من العزو بمعنى الانتماء والانتساب كأن كل فرقة تعتزى إلى غير من تعتزى إليه الأخرى أما في الولادة أو في المظاهرة فهم مفترقون كان المشركون يتحلقون حول رسول الله حلقاً حلقاً وفرقاً فرقاً ويستهزئون بكلامه ويقولون إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد فلندخلنها قبلهم فنزت ﴿أَيَطْمَعُ﴾ الطمع نزوع النفس إلى الشيء شهوة له وأكثر الطمع من جهة الهوى ﴿كُلُّ امْرِىاٍ﴾ هرمردى ﴿مِّنْهُمْ﴾ أي من هؤلاء المهطعين ﴿أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ﴾ بالإيمان أي جنة ليس فيها إلا التنعم المحض من غير تكدر وتغص ﴿كَلا﴾ ردع لهم عن ذلك الطمع الفارغ أي اتركوا هذا المطع واقطعوا مثل هذا الكلام وبالفارسية نه ايننين است وكافر انرا دربهشت راه نيست آن.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ١٥٣