جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣
﴿ذَرْنِى وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا﴾ حال إما من الياء أي ذرني وحدي معه فإني أكفيكه في لانتقام منه أو من التاء أي خلقته وحدي لم يشكرني في خلقه أحداً أؤمن العائد المحذوف أي ومن خلقته وحيداً فريداً لا مال له ولا ولد نزلت في الوليد بن المغيرة المخزومي وكان يلقب في قومه بالوحيد زعماً منهم إنه لا نظير
٢٢٧
له في وجاهته ولا في ماله كان يفتخر بنفسه ويقول أنا الوحيد ابن الوحيد ليس لي في العرب نظير لا لأبي المغيرة نظير أيضاً فسماه الله بالوحيد تهكماً به واستهزاء بلقبه كقوله تعالى :﴿ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ﴾ وصرفاً له عن الغرض الذي يؤمونه من مدحه إلى هة ذمه بكونه وحيداً من المال والولد أو وحيداً من أبيه ونسبه لأنه كان زنيماً وهو من ألحق بالقوم ولسي منهم ما مر أو وحيداً في الشرارة والخباثة والدناءة وجعلت له مالاً ممدودا} أي مبسوط أكثيراً وهو ما كان له بين مكة ولطائف من صنوف الأوال وقال النوري كان له ألف ألف دينار ﴿وَبَنِينَ﴾ ودادم اورا سران ﴿شُهُودًا﴾ جمع شاهد مثل قاعد وقعود وشهده كسمعه حضره أي حضوراً معه بمكة يتمتع بمشاهدتهم لا يفار قونه للتصرف في عمل أو تجارة لكونهم مكفيين لوفور نعمهم وكثرة خدمهم أو حضوراً معه في الأندية والمحافل لوجاهتهم واعتبارهم وكان له عشرة بنين أسلم منهم ثلاثة خالد وهشام وعمارة قاله المفسرون وأطبق المحدثون على أن الوليد بن الوليد أسلم وعمارة قتل كافراً أما يوم بدرأ وفي الحبشة على يد النجاشي قال السهيلي رحمه الله هم هشام بن الوليد والوليد بن الوليد وخالد بن لوليد الذي يقالله سيف الله وإما غير هؤلاء ممن مات منهم على دين الجاهلية فلم نسمه ﴿وَمَهَّدتُّ لَه تَمْهِيدًا﴾ وبسطت له الرياسة واجاه العريض فأتممت عليه النعمة فإن اجتماع المال والجاه هو الكمال عند أه الدنيا ولذا كان يلقب ريحانة قريش واليرحانة نبت طيب الرائحة والولد والرزق.
وفي التأويلات النجمية : يشير إلى الوليد بن مغيرة النفس الوحيدة في الشر والظلم والجور والجهل وكثرة أموال أعماله السيئة الذميمة وثروة أجاس أخلاقه الذميمة وإلى بني أتباعه الخبيثة الخسيسة وبسطة وسلطنته ورياسته ووجاهته عند أرباب النفوس المتمردة عن أوامر الحق ونواهيه المعربدة مع الحق وأهاليه وهم القوى الطبيعية الظلمانية يعني دعني وإياه فإني أسلط عليه أبا بكر الخفي وعمر الروح وعثمان السر وعلى القلب حتى أنهم بأنوار روحانيتهم يطمسون ظلمات نفسانيته ويغيرون على أعماله ويقتلون بني أتباعه وشيعته ويطوون بساط سلطنته ويسدون باب بسطته ﴿ثُمَّ يَطْمَعُ﴾ يرجو ﴿أَنْ أَزِيدَ﴾ على ما أوتيه من المال والولد وثم استبعاد واستنكار لطمعه وحرصه إما لأنه لا مزيد على ما أوتيه سعة وكثرة يعني إنه أوتى غاية ما أوتى عادة لأمثاله أولاته مناف لما هو عليه من كفران النعم ومعاندة المنعم أي لا يجمع له بعد اليوم بين الكفر والمزيد من النعم ﴿كَلا﴾ ردع وزجر له عن طمعه الفارغ وقطع لرائه الخائب فيكون متصلاً بما قبله ﴿إِنَّه كَانَ لايَـاتِنَا عَنِيدًا﴾ يقال عند خالف الحق ورده عارفاً بهفهو عنيد وعاند يعني منكر وستيزه كننده.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣
والمعاندة المفارقة والمجانبة والمعارضة بالخلاف كالعناد والعنيد هنا بمعنى المعاند كالجليس والأكيل والعشير بمعنى المجالس والمؤاكل والمعاشر وهو تعليل لما قبلها على وجه الاستئناف التحقيقي فإن معاندة آيات المنعم وهي الآيات القرآنية مع وضوحها وكفران له مع سبوغها مما يوجب حرمانه بالكلية وإنما أوتى ما أوتى استدراجاً وتقديم لآياتنا على متعلقه وهو عنيداً يدل على التخصيص فتخصيص العناد بها مع كونه
٢٢٨
تاركاً للعناد في سائر الأشياء يدل على غاية الخسران قيل ما زال بعد نزول هذه الآية في نقصان من ماله حتى هلك وهو فقير.
آكس كه نصيحت زعزيزان نكند كوش
بسيار بخايد سر انكشت ندامت