يعني دوباربا صابع يدين اشارت فرمود ودر كرت دوم ابهام يمنى را امساك فرمود ﴿وَيَزْدَادَ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِيمَـانًا﴾ أي بزداد إيمانهم كيفية بما رأوا من تسليم أهل الكتاب وتصديقهم إنه كذلك أو كمية بانضمام إيمانهم بذلك إلى إيمانهم بسائر ما انزل ﴿وَلا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـابَ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾ تأكيد لما قبله من الاستيقان وازدياد الإيمان فإن نفي ضد الشيء بعد إثبات وقوعه أبلغ في الإثبات ونفي لما قد يعترى المستيقني والمؤمن من شبهة ما فيحصل له يقين جازم بحيث لا شك بعده وإنما لم ينظم المؤمنين في سلك أهل الكتاب في نفي الارتياب حيث لم يقل ولا يرتابوا للتنبيه على تباين النفيين حالاً فإن انتفاء الارتياب من أهل الكتاب مقارن لما ينافيه من الجحود ومن المؤمنين مقارن لما يقتضيه من الإيمن وكم بينهما والتعبير عنهم باسم الفاعل بعد ذكرهم بالموصول والصلة الفعلية المنبئة عن الحدوث للإيذان بثباتهم على الإيمان بعد ازدياده ورسوخهم في ذلك ﴿وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِى قُلُوبِهِم مَّرَضٌ﴾ شك أو نفاق فإن كلا منهما من الأمراض الباطنة فيكون أحباراً بما سيكون في المدية بعد الهجرة إذا النفاق إنما حدث بالمدينة وكان أهل مكة إما مؤمناً حقاً وإما مكذباً وإما شاكاً ﴿وَالْكَـافِرُونَ﴾ المصرون على التكذيب فإن قلت كيف يجوز أن يكون قولهم هذا مقصود الله تعالى قلت اللام ليست على حقيقتها بل للعاقبة فلا أشكال ﴿مَاذَآ أَرَادَ اللَّهُ بِهَـاذَا مَثَلا﴾ تمييز لهذا أو حال منه بمعنى ممثلاً به كقوله هذه ناقة الله لكم آية أي أي شيء أراد بهذا العد المستغرب استعراب المثل فإطلاق المثل على هذا العدد على سبيل الاستعارة حيث شبهوه بالمثل المضروب وهو القول السائر في الغرابة حيث لم يكن عقداً تاماً كعشرين أو ثلاثين والاستفهام لإنكار أنه من عند
٢٣٤
الله بناء على أنه لو كان من عنده لما جاء ناقصاً وأفراد قولهم هذا بالتعليل مع كونه من باب فتنتهم للاشعار باستقلاله في الشناعة ﴿كَذَالِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَآءُ﴾ ذلك إشارة إلى ما قبله من معنى الضلال أي يضل الله من يشاء إضلاله كأبي جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم وعددهم إضلالاً كائناً مثل ما ذكر من الإضلال لا إضلالاً أنى منه لصرف اختياره إلى جنب الضلال عند مشاهدته لآيات الله الناطقة بالحق وأصله أن الله لا يضل إلا بحسب الضلالة الأزلية لأن الضلال وصرف الاختيار إلى جانبه كل منهما من مقتضى عينه الثابتة
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣
﴿وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ﴾ هدايته كأصحاب محمد عليه السلام هدايته كائنة مثل ما ذكر من الهداية لا هداية أدنى منها لصرف اختياره عند مشاهدة تلك الآيات إلى جانب الهدى وحقيقته إن الله لا يهي إلا بموجب الهداية الأزلية إذ الاهتداء وصرف الاختيار إلى جانبه كل منهما من أحواله الأزلية فلا يجوز خلافه في عالم العين في الأبد ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ﴾ أي جموع خلقه التي من جملتها الملائكة المذكورون والجنود جمع جند بالضم وهو العسكر وكلم جتمع وكل صنف من الخلق على حدة وفي الحديث إن الله جنوداً منها العسل ﴿إِلا هُوَ﴾ لفرط كثرتها وفي حديث موسى عليه السلام إنه سأل ربه عن عدد أهل السماء فقال تعالى اثنا عشر سبطاً عدد كل سبط عدد لتراب وفي "الأسرار المحمدية"، ليس في العالم موضع بيت ولا زاوية إلا وهو معمور بما لا يعلمه إلا الله والدليل على ذلك أمر النبي عليه السلام بالتستر في الخلوة وإن لا يجامع الرجل امرأته عريانين وفيه إشارة إلى أن الله في اختيار عدد الزبانية حكمة وإلا فجنوده خارجة عن دائرة العد والضبط قال القاشاني : وما يعلم عدد الجنود وكميتها وكيفيتها وحقيقتها إلا هو لإحاطة علمه بالماهيات وأحوالها.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٢٣


الصفحة التالية
Icon