الإيمان فإذا نظرت بهذا الوجه إلى المطمئنة وتنورت بنوارنيتها والصبغت بصبغتها تلوم أيضاً نفسها على التقصيرت الواقعة منها والمحذورات الكائنة عليها فهي لا تزال لائمة لها قئمة على سوق لومها إلى أن تتحقق بمقام الاطمئنان ولذلك ستحقت أن أقسم الله بها على قيام البعث والنشر والحشر قال القاشاني جمع بين القيامة والنفس اللوامة في القسم بهما تعظيماً لشأنهما وتناسباً بينهما إذ النفس اللومة هي المصدقة بها المقرة بوقوعها المهيئة لأسبابها لأنها تلوم نفسها أبداً في التقصير والتقاعد عن الخيرات وإن أحسنت لحرصها على الزيادة في الخير وأعمال البرتيقنا بالزاء فكيف بها إن أخطأت وفرطت وبدرت من بادرة غفلة ونسياناً اتهى.
هذا ودع عنك القيل والقال وجواب القسم محذوف دل عليه قوله تعالى :﴿أَيَحْسَبُ الانسَـانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ﴾ وهو ليبعثن والمراد بالإنسان الجنس والإسناد إلى الكل بحسب البعض كثير والهمزة لإنكار الواقع واستقباحه وإن محففة من الثقيلة وضمير الشأن الذي هو اسمها محذوف والعظام جمع عظم وهو قصب الحيوان الذي عليه اللحم بالفارسية استخوان.
ويجيء جمع عظيم أيضاً ككرام وكريم وكبار وكبير ومنه الموالي العظام والمعنى أيحسب إلا نسوان الذي ينكر البعث إن الشأن والحديث لن نجمع عظامه البالية فإن ذلك حسبان باطل فإنا نجمعها بعد تشتتها ورجوعها رميماً ورقاتاً مختلطاً بالتراب وبعد ما نسفتها الرياح وطيرتها في أقطار الأرض وألقتها في البحار لمجازاته بما عمل في الدنيا وقيل إن عدى بن أبي ربيعة ختن الأخنس بن شريف وهما اللذان كان عليه السلام يقول فيهما اللهم اكفني جاري اسوء قال الرسول الله يا محمد حدثني عن يوم القيامة متى يكون وكيف أمره فأخبره فقال لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك يعني أكذب حسي أو أيجمع الله هذه العظام فيكون الكلام خارجاً على قول المنكر كقوله من يحيي العظام وهي رميم وقيل ذكر العظام وارد نفسه كلها لأن العظام قالب النفس لا يستوي الخلق إلا باستوائها ودل هذا الإنكار على إنه ناشىء من الشبهة وذلك بالنسبة إلى البعض والله قار على الإحياء لا شبهة في بالنسبة إلى القال المتفكر المستدل إيجاب لما ذكر بعد النفي وهو الجمع أي نجمعها وبالفارسية آرى جمع كنيم.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٤٣
حال كوننا ﴿قَـادِرِينَ﴾ فهو حال مؤكدة من الضمير المستكن في تجمع المقدر بعد بلى ﴿عَلَى أَن نُّسَوِّىَ بَنَانَهُ﴾ أي نجمع سلامياته ونضم بعضها إلى بعض كما كانت مع صغرها ولطافتها فكيف بكبار العظام وهو جمع سلامي كحبارى وهي العظام الصغار ي اليد والرجل وفي الحديث كلا سلامي من الناس عليه صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس أي على صاحبه صدقة من أي أنواع الصدقة من قول وفعل ومال وفي "القاموس" البنان الأصابع أو أطرافها قال الراغب البنان الأصابع قيل سميت بذلك لأن بها إصلاح الأحوال التي يمكن للإنسان أن بي بها ما يريد أي يقيم يقال ابن بالمكان يبن لذلك خص في قوله تعالى :[القيامة : ١٤-٤]﴿بَلَى قَـادِرِينَ عَلَى أَن نُّسَوِّىَ بَنَانَهُ﴾ وقوله : واضربوا منهم كل بنان خصه لأجل إنها يقاتل بها ويدافع أو المعنى على نسوى أصابعه التي هي أطرافه وآخر ما يتم به خلفه فالبنان مفرد اللفظ مجموع المعنى كالتمر وفيه جهتان الصغر وكونه طرفاً فإلى أي جهة
٢٤٤
نظر ثبت المطلوب بالأولوية ولذا خص بالذكر ثم في العظام إشارة إلى كبار أعماله الحسنة والسيئة وفي البنان إلى صغار أفعاله الحسنة والسيئة فإن الله تعالى يجمع كلا منها ويجازي عليها بل يريد الإنسان ليفجر أمامه} الفجر شق الشيء شقاً واسعاً والفجور شق ستر الديانة وقال بعضهم : الفجور الميل فالكاذب والمكذب والفاسق فاجر أي مائل عن الحق ومنه قول الأعرابي في حق عمر رضي الله عنه.


الصفحة التالية
Icon