مستعار من الجبل فإن الوزر محركة الجبل المنيع ثم يقال لكل ما التجأت إليه وتحصنت به وزر تشبيهاً له وخبر لا محذوف أي لا ملجأ ثمة أو في الوجود ومن بلاغات الزمخشري اتل على كل من وزر كلالاً وزر أي أتل عليه هذه الآية ومعنى وزر الأول بالفارسية كناه كردن.
فإن العزر بالكسر الإثم وقال بعضهم :
لعمرك ما في الفتى من وزر
من الموت يدركه ولكبر
أي لا ملجأ للفار من الموت والكبر إذ كل منهما من الأمر الإلهي والأمر المحكم القضاء المبرم يدرك الإنسان لا محالة ﴿إِلَى رَبِّكَ يَوْمَـاـاِذٍ الْمُسْتَقَرُّ﴾ أي إليه تعالى وحده استقرار العباد أي لا يتوجهون إلا إلى حيث أمرهم الله نم مقام حسابه أو إلى حكمه استقرار أمرهم فإن الملك يومئذٍ ا فهو كقوله إن إلى ربك ارجعى وإن إلى ربك المنتهى وإليه ترجعون أي إلى حيث لا حاكم ولا مالك سواه أو إلى مشيئته موضع قرارهم يدخل من يشاء الجنة ومن يشاء النار فيكون المستقر اسم مكان وهو مرفوع بالابتداء وإلى ربك خبره ويومئذٍ معمول إلى ربك ولا يجوز أن يكون معمول المستقر لأنه إن كان مصدراً بمعنى الاستقرار فلا يتقدم معموله عليه وإن كان اسم مكان فلا عمل له البتة وكذا الكلام في قوله إلى ربك يومئذٍ المساق ونحوه ﴿يُنَبَّؤُا الانسَـانُ يَوْمَـاـاِذ﴾ أي يخبر كل امرىء برا كان أو فاجراً عند وزن الأعمال وحال
٢٤٦
العرض والمحاسبة والمخبر هو الله أو الملك بأمره أو كتابه ينشره ﴿بِمَا قَدَّمَ﴾ أي عمل من عمل خيراً كان أو شراً فيثاب بالأول ويعاقب بالثاني ﴿وَأَخَّرَ﴾ أي لم يعمل خيراً كان أو شراً فيعاقب بالأول ويثاب بالثاني أو بما قدم من حسنة أو سيئة وبما أخر من حسنة أو سيئة فعمل بها بعده أو بما قدم من مال تصدق به في حياته وبما أخر فخلفه أو وقفه أو أوصى به أو بأول عمله وآخره.
(شيخ الإسلام عبد الله الأنصاري قدس سره) : فرموده كه كناه ازيش فرستي بجرأت ومال ازس بكذارى بحسرت كناه رابتوبه نيست كن تانماند ومال را بصدقه يش فرست تابماند.
كرفرستى زيش به باشد
كه بحرست زس نكاه كنى
وفي الحديث :"ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ولا حجاب يحجبه فينظر ايمن منه فلا يرى إلا ما قدم من عمله وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة ﴿بَلِ الانسَـانُ عَلَى نَفْسِه بَصِيرَةٌ﴾ الإنسان مبتدأ وبصيرة خبره وعلى نفسه متعلق ببصيرة بتقدير على أعمال نفسه والموصوف محذوف أي بل هو حجة بصيرة وبينة واضحة على أعمال نفسه شاهدة جوارحه وأعضاؤه بما صدر عنه من الأفعال السيئة كما يعرب عنه كلمة على وما سيأتي من الجملة الحالية ووصفت بالبصارة مجاراً في الإسناد كما وصفت الآيات بالأبصار في قوله تعالى :﴿فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ ءَايَـاتُنَا مُبْصِرَةً﴾ أو عين بصيرة أو ذو بصيرة أو التاء للمبالغة كما في علامة ونسابة ومعنى بل الترقي أي ينبأ الإنسان بأعماله بل هو لا يحتاج إلى أن يخبره غيره فإنه يومئذٍ عالم بتفاصيل أحواله شاهد على نفسه لأن جوارحه تنطق بذلك، قال القاشاني : بل الإنسان حجة بينة يشهد بعلمه لبقاء هيئة أعماله المكتوبة عليه في نفسه ورسوخها في ذته وصيرورة صفاته صور أعضائه فلا حاجة إلى أن ينبأ من خارج.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٤٣
باش نا ز صدمه صور سرافيلى شود
صورت خوبت نهان وسيرت زشت آشكار
ولو ألقى معاذيره} حال من المستكن في بصيرة أو من مرفوع ينبأ أي هو بصيرة على نفسه تشهد عليه جوارحه وتقبل شهادتها ولو جاء بكل معذرة يمكن أن يعتذر بها عن نفسه ويجادل عنها بأن يقول مثلاً لم أفعل أو فعلت لأجل كذا أو لم أعمل أو وجد مانع أو كنت فقيراً ذا عيال أو خفت فلاناً أو طمعت في عطائه إلى غير ذلك من المعاذير الغير النافعة.
ه ندين عذر انكيزى وندين حيله هاسازى
جوميانى كه ميدانم وميدانم كه ميداني
أو ينبأ بأعماله ولو اعتذر بكل عذر في الذب عنها فإن الذب والدفع لا رواج له يومئذٍ لأنه يوم ظهور الحق بحقيقته والمعاذير اسم جمع للمعذرة كالمناكير اسم جمع للمنكر وقيل : جمع معذار وهو الستر بلغة أهل اليمن أي ولو أرخى فتوره، يعني : إن احتجابه واستتاره عن المخلوقات في حال مباشرة المعصية في الدنيا لا يغني عنه شيئاً لأن عليه من نفسه بصيرة ومن الحفظة شهوداً وفي "الكشاف" لأنه يمنع رؤية المحتجب كما تمنع المعذرة عقوبة المذنب ﴿لا تُحَرِّكْ بِهِ﴾ أي :
٢٤٧