يقول الفقير : عند وجه آخر وهو أن الإيمان عبارة عن الصديق والإقرار والعمل فجعلت كل شعبة من الثلاث بمقابلة واحدة من هذه الأركان دل على هذه قوله تعالى انطلقوا إلى ما كنتم به تكذبون فأورد التكذيب الذي هو صفة القلب فإن القلب لكونه مدارة الأعضاء والقوى إذا فسد فسد اللسان وسائر الأركان فالتكذيب ظلمة باطنة للقلب ضو عفت بظلمة ترك الإقرار والعمل فلما تضاعفت اظلمات الباطنة في الدنيا تضاعفت الظلمات الظاهرة في الآخرة لأن لكل عمل وصفة صورة شخصية جسدانية يوم القيامة ﴿لا ظَلِيلٍ﴾ أخذ من الظل للتأكيد كنوم نائم أي لا يظل من الحر وتوصيف الظل بأنه لا يظل من حر ذلك اليوم وهو حر النار للدلالة على أن تسمية ما يغشاهم من العذاب بالظل استهزاء بهم فإن شأن الظل أن يدفع عمن يستظل به مقاساة شدة الحر وإنه ينفعه ببرده ونسيمه والذي أمروا بالإنطلاق إليه يضاعف عليهم ما هم فيه من الحر والعذاب فضلاً عن أن يستريحوا ببرده أورد لما أوهمه لفظ الظل من الاسترواح كما مر في الواقعة ﴿وَلا يُغْنِى مِنَ اللَّهَبِ﴾ إي غير مغن لهم من حر اللهب كما يغنى ظل الدنيا من الحر فقوله لا ظليل في موضع الجر على إنه صفة لظل ولظف غير مانع للصفتية أي ظل غير ظليل وغير مغن ومفعول يغني محذوف هو شيئاً ومن لبيانه ويغني من أغنى عني وجهه أي أبعده لأن الغنى عن الشيء يباعده كما إن المحتاج إليه يقربه فصح أن يعبر بإغناء شيء عن شي عن إبعاده عنه فكان المعنى إن هذا الظل لا يظلكم من حر الشمس ولا يدفع عنكم لهب النار واللهب ما يعلو على النار إذا اضطرمت منأحمر وأصفر وأخضر.
وفي التأويلات النجمية : ظل الروح وظل القلب ظل ظليل ممدود نفعه وأثره وروحه لا ظل النفس والهوى.
وقال بعضهم : ظل شجرة النف الخبيثة المنقطعة عن نور الوحدة بظلمة ذتها ليس بظليل كظل شجرة طوبى فلا يفيد الروح والراحة بخلاف صل شجرة النفس الطيبة المنورة بنور الوحدة الغير المنشعبة إلى الشعب المختلفة المتضادة كالشيطانية والسبعية والبهيمية ﴿إِنَّهَا﴾ أي اتلشعب لأنها هي المذكورة لا النار ﴿تَرْمِى بِشَرَرٍ﴾ مى افكنددر آنروز شرار هاراكه هر شراره ﴿كَالْقَصْرِ﴾ ما نندكوشكى عظيم.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٨٠
أي كل شررة كقصر من القصور في عظمها كما دل عى هذا التفسير قوله كأنه جمالة صفر فالشرر جمع شررة وهي ما تطاير من النار
٢٨٧
في الجهات متفرقاً كالنجوم كما قال في "القاموس" الشرار والشرر ككتاب وجبل ما يتطاير من النار واحدتهما بهاء انتهى.
وكالقصر في موضع الصفة للشرر والقصر مفرد وهو البناء العالي ووصفه به الجمع باعتبار كل واحد من آحاده والقصر أيضاً الحطب الجزل ولذا قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية هي الخشب العظام المقطعة وكنا نعمد إلى الخشب فنقطعها ثلاثة ٥رع وفوق ذلك ودونه ندخرها للشتاء فكنا نسميها الصقر أي لكونها مقصورة مقطوعة من الممدودة الطويلة تأمل في أن ناراً دخانها وشررها هكذا فما بالك بحال أهلها ﴿كَأَنَّهُ﴾ أي الشرر وفي فتح الرحمن كأنه أي النار ثم رد الضمير إلى لفظ النار دون معناها فقال كأنه ﴿كَأَنَّه جِمَـالَتٌ﴾ جمع جمل كحجارة في جمع حجر والتاء لتأنيث الجمع أو اسم جمع كالحجارة والجمل ذكر الإبل والناقة انثاه وإذا لم يكن في جماعة الإبل أنثى يقال جمالة بالكسر والصفر جمع أصفر والصفرة لون من الألوان الت بين السواد والبياض وهي أن البياض أقرب ولذلك قد يبعر بها عن السواد والمعنى كأن كل شررة جمل أصفر أو كجمل أسود لأن سواد الإبل يضرب إلى الصفرة كما قيل لبعض الظباء آدم لأن بياضها تعلوه كدرة ولأن صفر الإبل يشوب رؤوس إشعارها سواد وفي الحديث :"شرار جهم أسود كالقير" فالأول : وهو التشبيه بالقصر تشبيه في العظم، والثاني : وهو التشبيه بالجمل في اللون والكثرة والتتابع والاختلاط والحركة وفي "المفردات".
قوله تعالى :﴿كَأَنَّه جِمَـالَتٌ صُفْرٌ﴾ قيل : جمع أصفر وقيل : بل أراد به الصفر المخرج من المعادن ومنه قيل للنحاس صفر.
وفي التأويلات النجمية : كل صفة من الأوصاف البهيمية والسبعية والشيطانية بحسب الغلظة والشدة كالقصور امرتفعة والبروج المشيدة أو كأنه جمالة صفر عظيمة لهيكل طويلة الأشر من شدة قوة النار في ذلك الشرر وهي القوة الغضبية ويل} مشقت بسيار ﴿يَوْمَـاـاِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ بأهوال يوم القيامة وأحوال العصاة فيه.


الصفحة التالية
Icon