فيتناولونها لا عن جوع وامتلاء بل عن شهوة وتلذذ والحاصل إنهم مستقرون في فنون الترفه وأنواع التنعم خلاف ما عليه مخالفوهم ﴿كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِياـاَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ مقدر بقول هو حال من ضمير المتقين في الخبر أي مقولاً لهم كلوا من نعم الجنة وثمراتها واشربوا من مائها وشرابها أكلاً وشرباً هنيئاً شائغاً رافهاً بلا داء ولا تخمة بسبب ما كنتم تعملونه في الدنيا من الأعمال الصالحة خصوصاً الصيام كما مضى في الحاقة وهذا أمر إكرام إظهاراً للرضى عنهم والمحبة لهم تمسك القائلون بالإيجاب العمل للثواب بالباء السببية والجواب إن السببية إنما هي بفضل الله ووعده الذي لا يخلف لا بالذات بحيث يمتنع عدمه أو يوجب النقص أو الظلم ﴿إِنَّا كَذَالِكَ﴾ الجزاء العظيم ﴿نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ﴾ أي في عقائدهم وأعمالهم لا جزاء أدنى منه ﴿وَيْلٌ يَوْمَـاـاِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ حيث نال أعداؤهم هذا الثواب الجزيل وهم بقوا في العذاب المخلد الوبيل.
(وقال الكاشفي) : جهل وقبح وذم مراهل تكذيب راست كه بنعيم بهشت نمى كروند.
وفي التأويلات النجمية : إن المتقين بالله عما سواه أي المتقين بنور الوحدة عنظلمة الكثرة وبنور المعرفة عن ظلمية النكرة في ظلال الأوصاف الإلهية والأخلاق الربانية وعيون من مياه العلوم والحكم وفواكه مما يشتهون من التجليات الروحانية والتنزلات النورانية كلوا من أطعمة المواهب الهنية واشربوا من أشربة المشارب التوحيدية هنيئاً بما كنتم تعملون من الأعال الصالحة الأفعال الحسنة إنا كذلك نجزى المحسنين المشاهدين لجمالنا المطلق ويل يومئذٍ للمكذبين بإحسان الجزاء وجزاء الإحسان ﴿كُلُوا﴾ أي مكذبان از نعيم فانىء دنيا ﴿وَتَمَتَّعُوا﴾ تمتعاً ﴿قَلِيلا﴾ أو زماناً قليلاً يعني عيشوا مدة قليلة إلى منتهى آجالكم لأن زمان الدنيا قليل كمتاعها وبالفارسية وبرخوردار شويد زماني اندك ﴿إِنَّكُم مُّجْرِمُونَ﴾ كافرون مستحقون للعذاب وبالفارسية بدرستى كه شما مشركانيد وعاقبت شمارا عذاب دائمست.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٨٠
قوله كلوا الخ مقدر بقول هو حال من المكذبين قال في "الكواشي" لا أحب الوقف على المكذبين إن نصبت كلوا حالاً منه والمعنى الويل ثابت لهم مقولاً لهم ذلك نذكيراً لهم بحالهم في الدنيا بما جنوا على أنفسهم من إيثار المتاع الفاني عن قريب على النعيم الخالد فلا يرد كيف يقال لم ذلك ولا تمتع لهم فيها يعني إن هذا القول لهم في الآخرة لا يكون لطلب الأكل والتمتع منهم بنعيم النيا حيقة لعدم إمكانه بل إنما يقال لهم للتذكير المذكور فيكون الأمر أمر توبيخ وتحسير وتحزين وعلل ذلك بإجرامهم دلالة على إن كل مجرم مآله هذا أي ليس له إلا الأكل والتمتع أياماً قلائل ثم البقاء في الهلاك الأيدي ﴿وَيْلٌ﴾ وأي ﴿يَوْمَـاـاِذٍ﴾ دران روز جزا ﴿لِّلْمُكَذِّبِينَ﴾ حيث عرضوا أنفسهم للعذاب الدائم بالمتمتع القليل.
وفي التأويلات النجمية : إنكم مجرمون أي كاسبون الهيئات الردية والملكات الغير المرضية ويل يومئذٍ للمكذين بأن الأوصاف الحميدة أفضل من الأخلاق الذميمة ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ﴾ أي للمكذبين ﴿ارْكَعُوا﴾ أي أطيعوا الله واخشعوا وتواضعوا له بقبول وحيه اتباع دينه وارفضوا هذا الاستكبار والنخوة لأن الركوع والانحناء لأحد تواضع له وتعظيم والسجود أعظم منه في التواضع والتعظيم ومن ذلك قالوا
٢٩٠
إن السجود لغير الله كفر إن كان للعبادة وخطر عظيم إن كان للتعظيم وفي حواشي ابن الشيخ لركوع في اللغة حقيقة في مطلق الانحناء الحسي وركوع الصلاة من جملة إفراده وتفيره بالإطاعة والخضوع مجاز لغوي تشبيهاً له بالانحناء الحسي ﴿لا يَرْكَعُونَ﴾ لا يخشعون ولا يقبلون ذلك ويصرون على ما هم عليه من الاستكبار وقيل : إذا أمروا بالصلاة أو بالركوع لا يفعلون إذ روى إنه نزل حين أمر رسول الله عليه السلام، ثقيفاً بالصلاة فقالوا إنا لا خر ولا نجبي أي لا تقوم قيام الراكع فإنها سبة علينا أي إن هيئة لتجبية هيئة تظهر وترفع فيها السبة وهي الاست أي الدبر وهو عار وعيب علينا فقال عليه السلام لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود وفي بعض التفاسير كانوا في الجاهلية يسجدون للأصنام ولا يركعون لها فصار الركوع من أعلام صلاة المسلمينتعالى وفيه دلالة على أن الكفار مخاطبون بالفروع في حق المؤاخذة في الآخرة كما سبق مراراً.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٨٠
قال الكاشفي) : مراد آنست كه مسلمان نشوند ه ركن أعظم إسلام بعد از شهادتين نمازاست.
وفيه ذم عظيم لتارك الصلاة حيث لا يجيب داعي الله أي المؤذن فإنه يدعو في الأوقات الخمسة المؤمنين إلى بيت الله وإقامة الصلاة وقس عليه سائر الداعين.