وكان الشافعي رضي الله عنه من الأتاد الأربعة ﴿وَخَلَقْنَـاكُمْ﴾ عطف على المضارع المنفي بلم داخل في حكه فإنه في قوة إنا جعلنا أو على ما يقتضيه الإنكار التقريري فإنه في قوة أن يقال قد جعلنا ﴿أَزْوَاجًا﴾ أي حال كونكم أصنافاً ذكراً وأنثى ليسكن كل من الصنفين إلى الآخر وينتظم أمر المعاشرة والمعاش ويتسنى التناسل والزوج يقال لكل واحد من القرينين المزدوجين حيواناً أو غيره كالخف والنعل ولا يقال للاثنين زوج بل زوجان ولذا كان الصواب أن يقال قرضته بالمقراضين وقصصته بالمقصين لأنهما اثنان لا بالمقراض وبالمقص كذا قال الحريري : في درة الغواص وقال صاحب القاموس يقال للاثنين هما زوجان وهما زوج انتهى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٩٢
ولعله من قبيل الاكتفاء بأحد الشقين عن الآخر وزوجة للمرأة لغة رديئة لقوله تعالى :[الإسراء : ١٢]﴿وَيَـاـاَادَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ﴾ ويقال لكل ما يقترن بآخر مماثلاً له أو مضاداً زوج ولذا قال بعضهم : في الآية وخلقناكم حالك ونكم معروضين لأوصاف متقابلة كل واحد منها مزدوج بما يقابله كالفقر والغنى والصحة والمرض والعلم والجهل والقوة والضعف والذكورة والأنوثة والطول والقصر إلى غير ذلك وبه يصح الابتلاء فإن الفاضل يشتغل بالشكر والمفضول بالصبر ويعرف قدر النعمة عند الترقي من الصبر إلى الشكر وكل ذلك دليل على كمال القدرة ونهاية الحكمة وجعلنا} صيرنا ﴿نَوْمَكُمْ﴾ وهو استرخاء أعصاب الدماغ برطوبات البخار الصاعد إليه ولذا قل في أهل الرياضة لقلة
٢٩٤
الرطوبة ﴿سُبَاتًا﴾ موتاً أي كالموت والمسبوت الميت من السبت وهو القطع لأنه مقطوع عن الحركة ومنه سمى يوم السبت لأن الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها في ستة أيام فقطع عمله يوم السبت فسمى بذلك وأيضاً هو يوم ينقطع فيه بنو إسرائيل عن العمل والنوم أحد التوفيين كما قال تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها أي ويتوفى التي لم تمت في منامها وذلك لما بينهما من المشاركة التامة في انقطاع أحكام الحياة فالتنوين للنوعية أي وجعلنا نومكم نوعاً من لموت وهو الموت الذي ينقطع ولا يدوم إذ لا ينقطع ضوء الروح إلا عن ظاهر البدن وبهذا الاعتبار قيل له أخو الموت والنوم بمقدار الحاجة نعمة جليلة قويل سبتا أي قطعاً عن الاحساس والحركة لا راحة القوى الحيوانية وإزاحة كلالها والأول هو اللائق بالمقام كما ستعرفه ﴿وَجَعَلْنَا الَّيْلَ﴾ الذي يقع فيه النوم ﴿لِبَاسًا﴾ يقال لبس الثوب استتر به وجعل اللباس لكل ما يغطي الإنسان عن قبيح فجعل الزوج لزوجها لباساً من حيث إنها تمنعه وتصده عن ععطاي قبيح كذا ابعل وأيضاً من حيث الاشتمال قال تعالى :﴿هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ﴾ وجعل التقوى لباساً على طريق التمثيل والتشبيه وكذا جعل الخوف والجوع لباساً على التمثيل والتشبيه تصويراً له وذلك بحسب ما يقولون تدرع فلان الفقر ولبس لجوع والمعنى لباساً يستركم بظلامه كما يستركم اللباس ولعل المراد به ما يستتر به عند النوم من اللحاف ونحوه فإن شبه الليل به أكمل واعتباره في تحقيق المقصد أدخل صاحب فتوحات آورده شب لباس أصحاب لل است كه ايشانرا از نظر اغيار بوشاند تادر خلوت خود لذتت مكالمه يا محاضره يا مشاهده هريك فراخور استعداد خود برخوردارى يا بند حضرت شيخ الإسلام قدس سره فرمودكه كه شب رده روندكان راهست روز بازار بيدار إن سحركاه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٢٩٢
الليل للعاشقين ستر
يا ليت أوقاته تدوم
ون دردل شب خيال أويار منست
من بنده شب كه روز بازار منست
فهو تعالى جعل الليل محلاً للنوم الذي جعل موتاً كما جعل النهار محلاً لليقظة المعبر عنا بالحياة في قوله تعالى : وجعلنا النهار معاشا} أي وقت عيش أي حياة تبعثون فيه من نومكم الذي هو أخو الموت كما في قوله تعالى :﴿وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ الَّيْلَ لِبَاسًا وَالنَّوْمَ سُبَاتًا﴾ وجعل النهار نشوراً ولم يقل وجعل يقظتكم حياة لتتم المطابقة بينه وبين قوله : وجعلنا نوكم سباتاً بل عبر عن اليقظة النهار لكونه مستلزماً لها غالباً ولمراعاة مطابقة وجعلنا الليل ومنه يعلم قوله : وجلنا الليل لسي مستطرداً في البيت لذكر النوم في القرينة الأول فمعاش مصدر من عاش يعيش عيشاً ومعاشاً ومعيشة وعيشة وعلى هذا لا بد من تقدير المضاف ولذا قدروا لفظ الوقت ويحتمل أن يكون اسم زمان على صيغة مفعل فلا حاجة حينئذٍ إلى تقدير المضاف وتفسيره بوقت معاش إبراز لمعنى صيغة اسم الزمان وتفصيل لمفهومها.
وفي التأويلات النجمية : ألم نجعل أرض البشرية مهد استراحتكم وانتشاركم في أنواع المنافع البشرية وجبال نفوسكم القاسية قوائم أرض البشرية وخلقناكم أزواجاً زوج الروح وزوج النفس أو ذكر القلب وأنثى النفس
٢٩٥