حكى) إن إبليس عليه اللعنة تمثل للنبي عليه السلام يوماً وبيده قارورة ماء فقال أبيعه بإيمان الناس حالة النزع فبكى النبي عليه السلام حتى بكت أهل بيته فأوحى الله تعالى إليه إني أحفظ عبادي في تلك الحالة من كيده والميت يرى الملائكة حينئذٍ على صورة أعماله حسنة أو قبيحة فإذا أخذوا نفس المؤمن يلفونها في حرير الجنة وهي على قدر النحلة وعلى صورة عمله ما فقد شيء من عقله وعلمه المكتسب في الدنيا دل عليه قوله تعالى : حكاية عن حبيب النجار الشهيد في أنطاكية قال : يا ليت قومي يعلمون بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين فيعرجون بها إلى الهواء ويهيئون له أسباب التنعيم في قبره وفي عليين وهو النعيم الروحاني ثم إذا قام الناس من قبورهم ازداد النعيم بانضمام الجسماني إلى الروحاني فقوله : والناشطات نشطاً إشارة إلى كيفية قبض أرواح المؤمنين بشهادة اللفظ ومدلوله أيضاً فإن قيل قد ثبت إن النبي عليه السلام أخذ روحه الطيب ببعض شدة حتى قال واكرباه وقال لا إله إلا الله إن للموت سكرات اللهم أعني على سكرات الموت أي غمزاته وكان يدخل يده الشريفة في قدح فيه ماء ثم يسح وجهه المنور بالماء ولما رأته فاطمة رضي الله عنها يغشاه الكرب قالت واكرب ابتاه فقال لها عليه السلام ليس على أبيك كرب بعد اليوم فإذا كان أمر النبي عليه السلام حين انتقاله هكذا فما وجه ما ذكر من الرفق واللين أجيب بأن مزاجه الشريف كان اعدل الأمزجة فأحس بالألم أكثر من غيره إذا لخفيف على الأخف ثقيل وأيضاً يحتمل أن يبتليه الله بذلك ليدعو الله في أن يجعل الموت لأمته سهلاً يسيراً وأيضاً قد روى إنه طلب من الله أن يحمل عليه بعض صعوبة الموت تخفيفاً عن أمته فإنه بالمؤمنين رؤوف رحيم وأيضاً فيه تسلية أمته إذا وقع لأحد منهم شيء من ذلك الكرب عند الموت وأيضاً لكي يحصل لمن شاهد من أهله ومن غيرهم من المسلمين الثواب لما يلحقهم عليه من المشقة كما قيل بمثل ذلك في حكمة ما يشاهد من حال الأطفال عند الموت من الكرب الشديد وأيضاً راحة الكمل في الشدة لأنها من باب الترقي في العلوم والدرجات وأقل الأمر للناقصين كفارة الذنوب فأهل الحقيقة لا شدة عليهم في الحقيقة لاستغراقهم في بحر الشهود وإنما الشدة لظواهرهم والحاصل كما إن النار لا ترفع عن الدنيا والدنيا قائم فكذا الشدة لا ترفع عن الظواهر في هذا الموطن ﴿وَالسَّـابِحَـاتِ سَبْحًا﴾ قسم آخر معنى أيضاً بطريق العطف والسبح المر السريع في الماء أو في الهواء وسبحاً نصب على المصدرية اقسم الله بطوائف الملائكة التي تسبح في مضيها أي تسرع فينزلون من السماء إلى الأرض مسرعين مشبين في سرعة نزولهم بمن يسبح في الماء وهذا من قبيل التعميم بعد التخصيص لأن نزول الأولين إنما هو لقبض الأرواح مطلقاً ونزول هؤلاء لعامة الأمور والأحوال
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣١٤
﴿فَالسَّـابِقَـاتِ سَبْقًا﴾ عطف على السابحات بالفاء للدلالة على ترتب السبق على السبح بغير مهلة فالموصوف واحد ونصب سبقاً على المصدرية أي التي تسبق سبقاً إلى ما أمروا به ووكلوا عليه أي يصلون بسرعة والسبق كناية عن الإسراع فيما أمروا به لأن السبق وهو التقدم في السير من لوازم الإسراع فالسبق هنا لا يستلزم وجود المسبوق إذ لا مسبوق
٣١٥


الصفحة التالية
Icon