وطف للمطيعين وفي تعظيم الكاتبين بالثناء عليهم تفخيم لأمر الجزاء وإنه عند الله من جلائل الأمور حيث يستعمل فيه هؤلاء الكرام فالتعظيم إنما هو في وصفهم بالكرم لا بالكتب والحفظ وطعن بعض المنكرين في حضور الكاتبين إما أولاً فبأنه لو كانت الحفظة وصحفهم وأقلامهم معنا ونن لا نراهم لجاز أن يكون بحضرتنا جبال وأشخاص لا نرا وذلك دخول في الجهالات وجوابه إن الملائكة من قبيل الأجسام اللطيفة فحضورهم لا يستلزم الرؤية ألا نرى إن الله أمد المؤمنين في در بالملائكة وكانوا لا يرونهم إلا من شاء الله رؤيته وكذا الجن من هذا القبيل ولذا قال تعالى ؛ [التوبة : ١٢٧-٢٧]﴿يَرَاـاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُه مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ﴾ فكما إن الهواء لا يرى للطافته فكذا غيره من أهل اللطافة وأما ثانياً بأن هذه الكتابة والضبط إن كان لا لفائدة فهو بعث والله تعالى متعال عن ذلك وإن كان لفائدة فلا بد أن تكون للعبد لأن الله متعال عن انفع والضرر وعن تطرق النسين وغاية ذلك أن يكون حجة على الناس وتشديداً عليهم بإقامتها لكن هذه ضعيف لأن من علم إن الله لا يجور ولا يظلم لا يحتاج في حقه إلى إثبات هذه الحجة ومن لم يعلم ذلك لانتفعه لاحتمال أن يحمل على الظلم وجوابه إن الله يجري أمروه على عباده على ما يتعارفونه فيا لدنيا بينهم ليكون أبلغ في تقرير المعنى عندهم من إخراج كتاب وإحضار شهود عدل في إلزام الحجة عند الحاكم لعبد إذا علم إن الله رقيب عليه والملائكة يحفظون أعماله ويكتبونها في الصحيفة وتعرض على رؤوس الإشهاد يوم القيامة كان ذلك أزجر له عن المعاصي وأمنع من السوء وإما ثالثاً فبأن أفعال القلوب غير مرئية فلا يكتبونها مع أنها محاسب بها لقوله تعالى : وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبم به الله الآية وجوابه ما مر من أن الآية من العام المخصوص وقد قال الامام الغزالي رحمه الله كل ذكر يشعر به قلبك تسمعه الملائكة الحفظة فإن شعورهم يقارن شعورك حتى إذا غاب ذكرك عن شعورك بذهابك في المذكور بالكلية غاب عن شعور لحفظة أيضاً وما دام القلب يلتفت إلى الذكر فه معرض عن الله وفهم من هذا المقال إن قياس إطلاع الملائكة على الوقائع على إطلاع الناس غير مستقيم فإن شؤونهم علماً وعملاً غير شؤون الناس على أن من أصلح من الناس سريرته قد يكشف الضمائر ويطلع على الغيوب باطلاع الله تعالى فما ظنك بالملائكة الذين هم ألطف جسماً وأخف روحاً إن الأبرار} الذين بروا وصدقوا في إيمانهم بأداء الفرائض واجتناب المعاصي وبالفارسية وبدرستى كه نيكو كاران وفرمان برداران.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٥٥
جمع بر بالفتح وهوبمعنى الصادق والمطيع والمحسن وأحسن الحسنات لا إله إلا الله ثم بر الوالدين وبر التلامذة للأساتذة وبر أهل الإرادة للشيوخ كما قال في فتح الرحمن هو الذي قد أطرد بره عموماً فبرر به في طاعته إياه وبر الناس في جلب ما استطاع من الخير لهم وغير ذلك.
(وفي الحديث) : بروا آباءهم كما بروا أبناءهم ﴿لَفِى نَعِيمٍ﴾ وهو نعيم الجنة وثوابها والتنوين للتخفيم ﴿وَإِنَّ الْفُجَّارَ﴾ وبدرستى كه دروغ كويان ومنكران حشر.
جمع فاجر والفجور شق ستر الديانة ﴿لَفِى جَحِيمٍ﴾ أي النار وعذابها والتنوين للتهويل والجملتان بيان لما يكتبون لأجله وهو أن الغاية إما النعيم وإما الجحيم وفيه إشارة إلى نعيم
٣٦١
الذكر والطاعة والمعرفة والشهود والحضور والوصال وإلى جحيم الغفلة والمعصية والجهل والاحتجاب والغيبوبة والفراق قال الخواص رحمه الله، طاب النعيم إذا كان منه وطاب الجحيم إذا كان به وفي المثنوى :
هر كجا باشد شه مارا بساط
هست صحرا كربود سم الخياط
هر كجا كه يوسفي باشد وماه
جنت است أو أره باش قعراه
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٥٥


الصفحة التالية
Icon