والناس ما بين مرجوب ومحجوب انتهى.
أي ما بين معظم ومهان وإنما جعله تمثيلاً لا كناية إذ لا يمكن إرادة المعنى الحقيقي على زعمه من حيث إنه معتزلي قال بعض المفسرين : جعل الآية تمثيلاً عدول عن الظاهر وهو مكشوف فإن ظاهر قولهم هو محجوب عن الأمير يفيد أنه ممنوع عن رؤيته وهو أكبر سب الإهانة وما نقل عن ابن عباس رضي الله عنه، لمحجوبون عن رحمته وعن ابن كيسان عن كرامته فالمراد به بيان حاصل المعنى فإن المحجوب عن الرؤية ممنوع عن معظم الرحمة والكرامة فالآية من جملة أدلة الرؤية فالحمد تعالى على بذل نواله وعطائه وعلى شهود جماله ولقائه ﴿ثُمَّ إِنَّهُمْ﴾ مع كونهم محجوبين عن رؤية الله ﴿لَصَالُوا الْجَحِيمِ﴾ أي داخلوا النار ومباشروا حرها من غير حائل أصله صالون حذفت نونه بالإضافة وثم لتراخي الرتبة فإن صلى الجحيم أشد من الحجاب والإهانة والحرمان من الرحمة والكرامة فإن الحجاب وإن كان من قبيل العذاب الروحاني وهو أشد من العذاب الجسماني لكن مجرد النجاة من النار أهون من العذاب لأن في العذاب الحسي حصول العذابين كما لا يخفى ﴿ثُمَّ يُقَالُ﴾ لهم توبيخاً وتقريعاً من جهة الزبانية وإنما طوى ذكرهم لأن المقصود ذكر القول لا القائل مع أن فيه تعميماً لاحتال القائل وبه يشتد الخوف ﴿هَـاذَا﴾ العذاب وهو مبتدأ خبره قوله ﴿الَّذِى كُنتُم﴾ في الدنيا ﴿بِهِ﴾ متعلق بقوله ﴿تُكَذِّبُونَ﴾ فذوقوه وتقديمه لرعاية الفاصلة لا للحصر فإنهم كانوا يكذبون أحكاماً كثيرة ﴿كَلا﴾ ردع عما كانوا عليه بعد
٣٦٩
ردع وزجر بعد زجر ﴿إِنَّ كِتَـابَ الابْرَارِ﴾ أي الأعمال المكتوبة لهم على أن الكتاب مصدر مضاف إلى مقدر ﴿لَفِى عِلِّيِّينَ﴾ لفي ديوان جامع لجميع أعمال الأبرار فعليون علم لديوان الخير الذي دون فيه كل ما عملته الملائكة وصلحاء الثقلين منقول من جمع على فعيل من العلو للمبالغة فيه سمى بذلك إما لأنه سبب الارتفاع إلى أعالي الدرجات في الجنة وإما لأنه مرفوع في السماء السابعة حيث يسكن الكروبيون تكريماً له وتعظيماً وروى إن الملائكة لتصعد بعمل العبد فيستقلونه فإذا انتهوا إلى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم إنكم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه وإنه أخلص عمله فاجعلوه في عليين فقد غفرت له وإنها تصعد بعمل العبد فيزكونه فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحى إليهم أنتم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على قلبه وإنه لم يخلص في عمله فاجعلوه في سجين وفيه إشارة إلى أن الحفظة لا يطلعون على الإخلاص والرياء إلا باطلاع الله تعالى
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٦٣
﴿وَمَآ أَدْرَاـاكَ مَا عِلِّيُّونَ﴾ أي هو خارج عن دائرة دراية الخلق ﴿كِتَـابٌ مَّرْقُومٌ﴾ أي هو مسطور بين الكتابة يقرأ بلا تكلف أو معلم بعلامة تدل على سعادة صاحبه وفوزه بنعيم دائم وملك لا بلى ولما كان عليون علماً منقولاً من الجمع حكم عليه بالمفرد وه كتاب مرقوم واعرب بإعراب الجمع حيث جرأ ولا بفي ورفع بالخبرية لما الاستفهامية لكونه في صورة الجمع وقيل اسم مفرد على لفظ الجمع كعشرين وأمثاله فليس له وحد ﴿يَشْهَدُهُ﴾ الملائكة ﴿الْمُقَرَّبُونَ﴾ عند الله قربة الكرامة أي يحضرونه ويحفظونه من الضياع وفي "فتح الرحمن" هم سبعة أملاك من مقربي السماء من كل سماء ملك مقرب فيحضره ويشيعه حتى يصعد به إلى ما يشاء الله ويكون هذا في كل يوم أو يشهدون بما فيه يوم القيامة على رؤوس الإشهاد وبه تبين سر ترك الظاهر بأن يقال طوبى يومئذٍ للمصدقين بمقابلة يل يومئذٍ للمكذبين لأن الأخبار بحضور الملائكة تعظيماً وإجلالاً يفيد ذلك مع زيادة فختم كل واحد بما يصلح سواء مكانه.
وقال القاشاني : ما كتب من صور أعمال السعداء وهيئات نفوسهم النورانية وملكاتهم الفاضلة في عليين وهو مقابل لسجين في علوه وارتفاع درجته وكنه ديون أعمال أهل الخير كما قال كتاب مرقوم أي محل شريف رقم بصور أعمالهم من جرم سماوي أو عنصر إنساني يحضر ذلك المحل أهل الله الخاصة من أهل التوحيد الذاتي ﴿إِنَّ الابْرَارَ﴾ أي السعداء الاتقياء عن درن صفات النفوس ﴿لَفِى نَعِيمٍ﴾ ثم وصف كيفية ذلك النعيم بأمور ثلاثة أولها قوله ﴿عَلَى الارَآاـاِكِ﴾ أي على الأسرة في الحجال يعني برتختهاى آراسته.
ولا يكاد تطلق الأريكة على السرير عندهم إلا عند كونه في الحجلة وهو بالتحريك بيت العروس يزين بالثياب والأسرة والستور ﴿يَنظُرُونَ﴾ أي ما شاؤوا أمد أعينهم إليه من رغائب مناظر الجنة وإلى ما أولاهم الله من النعمة والكرامة يعني مى نكرند بيز هاكه ازان شادمان وفرحناك ميكردند از صور حسنه ومنتزهات بهيه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٦٣
وكذا إلى أعدائهم يعذبون في النار وما تحجب الحجال أبصارهم عن الإدراك للطافتها وشفوفها أي رقتها فحذف المفعول للتعميم وقوله
٣٧٠


الصفحة التالية
Icon