وفي التأويلات النجمية : يشير إلى القسم بليل النفس المطمئنة المستترة بغلسية النفس الأمارة بعد الوصول إلى المقام المأمول وإنما صارت مطمئنة من الرجوع إلى حكم النفس الأمارة وبقي لها التلوين في التمكين من أوصاف الكمل من الذرية المحمديين ولهذا أمرت بالرجوع إلى ربها بقوله :[الانشقاق : ١٨]﴿يا أيتها النَّفْسُ الْمُطْمَـاـاِنَّةُ * ارْجِعِى إِلَى رَبِّكِ﴾ وليس المقصود الذاتي من الرجوع نفس الرجوع بل المقصود الكلي هو الاتصال بالمرجوع إليه قوله وما وسق أي وما جمع من القوى الروحانية المستخلصة من يد تصرف النفس الأمارة والقمر إذا اتسق} أي اجتمع وتم بدر الليلة أربع عشرة وفي "فتح الرحمن" امتلأ في الليالي البيض يقال أمور فلان متسقة أي مجتمعة على الصلاح كما يقال منتظمة قال في "القاموس" وسقه يسقه جمعه وحمله ومنه والليل وما وسق واتسق انتظم انتهى.
أقسم الله بهذه الأشياء لأن
٣٨٠
في كل منها تحولاً من حال فناسبت المقسم عليها يعني إن الله تعالى أقسم بتغيرات واقعة في الأفلاك والعناصر على تغير أحوال الخلق فإن الشفق حالة مخالفة لما قبلها وهو ضوء النهار ولما بعدها وهو ظلمة الليل وكذا قوله والليل وما وسق فإنه يدل على حدوث ظلمة بعد نور وعلى تغير أحوال الحيوانات من اليقظة إلى النوم وكذا قوله والقمر وإذا اتسق فإنه يدل على حصول كمال القمر بعد أن كان ناقصاً.
قال القاشاني : أي قمر القلب الصافي عن خسوف النفس إذا اجتمع وتم نوره وصار كاملاً.
وفي التأويلات النجمية : يشير إلى القسم بقمر قلب العارف المحقق عند استدارته ودريته ﴿لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا﴾ مفعول تركبن ﴿عَن طَبَقٍ﴾ أي لتلاقن حالاً عبد حال يعني برسيد ومتلاشى شويد حالي را بعد از حالي كه كل واحدة منها مطايقة لأختها في الشدة والفظاعة يقال ما هذا بطبق هذا أي لا يطابقه.
قال الراغب : المطابقة من لأسماء المتضايفة وهو أن يجعل الشيء فوق آخر بقدره ومنه طابقت النعل بالنعل لم يستعمل الطباق في الشيء الذي يكون فوق الآخر تارة وفيما يوافق غيره أخرى وقيل الطبق جمع طبقة وهي المرتبة وهو الأوفق للركوب المنبىء عن الاعتلاء والمعنى لتركبن أحوالاً بعد أحوال هي طبقات في الشدة بعضها أرفع من بعض وهي الموت وما بعده من مواطن القيامة ودواهيها إلى حين المستقر في إحدى الدارين وقرىء لتركبن بالإفراد على خطاب الإنسان باعتبار اللفظ لا باعتبار شموله لإفراده كالقراءة الأولى ومحل عن طبق النصب على إنه صفة لطبقاً أي طبقاً مجاوز الطبق أو حال من الضمير في لتركبن طبقاً أي مجاوزين لطبق أو مجاوزاً على حسب القراءة فعن على معناه المشهور وهو المجاوزة وتفسيره بكلمة بعد بيان لحاصل المعنى.
وقال ابن الشيخ عن هنا بمعنى بعد لأن الإنسان إذا صار إلى شيء مجاوزاً عن شيء آخر فقد صار إلى الثاني بعد الأول فصح إنه يستعمل فيه بعد وعن معاً وأيضاً لفظ عن يفيد البعد والمجاوزة فكان مشابهاً للفظ بعد فصح استعمال أحدهما بمعنى الآخر.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٧٥
وفي التأويلات النجمية : يخاطب القلب الإنساني المتوجه إلى الله بأنواع الرياضات وأصناف المجاهدات والتقلبات في الأحوال المطابقة كل واحدة منها الأخرى في الشدة والمشقة من الجوع والسهر والصمت والعزلة وأمثال ذلك ﴿فَمَا لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ﴾ أي إذا كان حالهم يوم القيامة ما ذكر فأي شيء لهم حال كونهم غير مؤمنين أي أي شيء يمنعهم من الإيمان مع تعاضد موجباته وفيه إشارة إلى النفس والهوى والقوى البشرية الطبيعية وعدم إيمانهم بالقلب وامتثالهم ره باتباع أحكام الشريعة وآداب الطريقة وآثار الحقيقة ﴿وَإِذَا قُرِىاَ عَلَيْهِمُ الْقُرْءَانُ لا يَسْجُدُونَ﴾ جملة شرطية محلها النصب على الحالية نسقاً على ما قبلها أي أي مانع لهم حال عدم سجودهم وخضوعهم واستكانتهم عند قراءة النبي عليه السلام أو وحد من أصحابه وأمته القرآن فإنهم من أهل اللسان فيجب عليهم أن يجزموا بأعجاز القرآن عند سماعه وبكونه كلاماً إلهياً ويعلموا بذلك صدق محمد في دعوى النبوة فيطيعوه في جميع الأوامر والنواهي ويجوز أن يراد به نفس السجود عند تلاوة آية السجدة على أن يكون المراد بالقرآن آية السجدة بخصوصها لا مطلق
٣٨١
القرآن كما روى إنه عليه السلام قرأ ذات يوم واسجد واقترب فسجد هو ومن معه المؤمنين وقريش تصفق فوق رلأسهم وتصفر استهزاء وبه احتج أبو حنيفة على وجوب السجدة فإن الذم على ترك الشيء يدل على وجوب ذلك وعن أبي هريرة رضي الله عنه، إن رسول الله عليه اسلام، سجد فيها وكذا الخلفاء وهي الثالثة عشرة من أربع عشرة سجدة تجب عدنها السجدة عند أئمتنا على التالي والسامع سواء قصده أم لا وعن ابن عباس رضي الله عنهما، ليس في مفصل سجدة وكذا قال الحسن هي غير واجبة ثم إن الأئمة الثلاثة يسجدون عدن قوله لا يسجدون والامام مالك عند آخر السورة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٧٥


الصفحة التالية
Icon