على إنه خبر لادعاء بمعنى لقد قتل أي أهلك بغضب الله ولعنته والأظهر أن الجملة دعائية دالة على الجواب لا خبرية والقتل كناية عن اللعن من حيث إن القتل لكونه أغلظ العقوبات لا يقع إلا عن سخط عظيم يوجب الأبعاد عن الخير والرحمة الذي هو معنى اللعن فكان القتل من لوازم اللعن كأنه قيل اقسم بهذه الأشياء إن كفار مكة ملعونون ما لعن أصحاب الأخدود وجه الأظهرية إن السورة وردت لتثبيت المؤمنين على ما هم عليه من الإيمان وتصبيرهم على أذية الكفرة وتذكيرهم بما جرى على من تقدمهم من التعذيب على الإيمان وصبرهم على ذلك حتى يأنسوا بهم ويصبروا على ما كانوا يلقون من قومهم ويعلموا إن هؤلاء عند الله بمنزلة أولئك المعذبين ملعونون مثلهم إحقاء بأن يقال فيهم ما قد قل فهم فظهر من هذا التقرير إنه لسي دعاء على أصحاب الأخدود من قبل القمسم وهو الله تعالى لأه ليس بعاجز وقد سبق تحقيقه في سورة عبس ونحوها والأخدود الخد في الأرض وهو شق مستيل كالنهر غامض أي عميق القرار وأصل ذلك من خدي الإنسان وهما ما اكتفا الأنف على اليمين والشمال وفي "عين المعاني" ومنه الخد لمجاري الدموع عليه وأصحب الأخدود كانوا ثلاثة وهم انطيانوس الرومي بالشأم وبخت نصر بفارس ويوسف ذو نواس بنجران وهو بتقديم النون وتأخير الجيم موضع باليمن فتح سنة عشر سمى بنجران بن زيدان بن سبأ شق كل واحد منهم شقا عظيماً في الأرض كان طوله أربعين ذراعاً وعرضه اثني عشر ذراعاً وهو الأخدود وملأوه ناراً وألقوا فيه من لم يرتد عن دينه من المؤمنين قالوا والقرآن إنما نزل في الذين بنجران يعني أن أصحاب الأخدود هم ذو نواس الحميري اليهودي وجنوده وذلك إن عبداً صالحاً يقال له عبد الله بن الثامر وقع إلى نجران وكان علي دين عيسى عليه السلام فدعاهم فأجابوه فسارا إليهم ذو نواس بجنود من حمير فخيرهم بين النار واليهودية فأبوا فحفر الخنادق واضرم فيها النيران فجعل يلقى فيها كل من اتبع ابن الثامر حتى أحرق نحواً من اثني عشر ألفاً وعشرين ألفاً أو سبعين ألفاً وذو نواس اسمه زرعة بن حسان ملك حمير وما حولها وكان أيضاً يسمى يوسف وكانت له غدائر من شعر أي ذوائب تنوس أي تضطرب فسمى ذا نواس.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٨٣
روى) إنه انفلت من أهل نجران رجل اسمه دوس ذو ثعلبان ووجد انجيلا محترقاً بعضه فأتى به ملك الحبشة وكان نصرانياً فقال إن أهل دينك أوقدت لهم نار فأحرقوا بها وأحرقت كتبهم وهذا بعضها فأراه الذي جاء به ففزع لذلك فكتب إلى صاحب الروم يستمده بنجارين يعملون له السفن فبعث إليه صاحب الروح من عمل له السفن فركبوا فيها فخرجوا إلى ساحل اليمين فخرج إليهم أهل اليمن فلقوهم بتهامة واقتيلوا فلم ير ملك حمير له بهم طاقة وتخوف إن يأخذوه فضرب فرسه حتى وقع في الحرب فمات فيه أو ألقى نفسه في البحر فاستولى الحبشة على حمير وما حولها وتملكوا وبقي الملك لهم إلى وقت الإسلام.
وقال في "كشف الأسرار" أصحابا لأخدود ايشان بت رستان بوده انداز أصحاب ذو نواس يمني ودر زمان أو ساحري بو دكاهن ومشعبذكه مدارملك بدو بودى ون بسن شيخوخه رسيد بعرض ملك رسانيدكه من ير شده ام وضعف كلى بقو أي من راء يافته
٣٨٦
ديده ازهر شعاع تيره شود
كوش وقت سماع خيره شود
نه زبانرا مجال كويايى
نه تن خسته را توانا ى
صلاح در آنست كه جوان عاقل تيزفهم بمن سارتا آنه دانسته أم بوي آموزم وبعد ازمن خلفي باشدكه أمور ملك بوي منتظم تواند بود.
كما جاء في حديث المشارق كان ملك فيمن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر بكسر الباء أي شاخ وطعن في السن قال للملك إني كبرت فابعث إلى غلاماً أعلمه السحر فبعث إليه غلاماً يعلمه فكان في طرقه إذا سلك أي الغلام راهب فقعد إليه أي متوجهاً إلى الراهب وسمع كلامه فأعجبه أي أعجب كلام الرهب ذلك الغلام فكان إذا أتى الساحر مر بالراهب وقعد إليه فإذا أتى الساحر ضربه أي ضرب الساحر الغلام لمكثه فشكا ذلك إلى الراهب فقال أي الراهب للغلام إذا خشيت الساحر فقد حبسني قد حبست الناس أي على أسد أوحية يقال لها بالفارسية ادر.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٣٨٣