ومن الصحيفة أيضاً من غير تعلم الخط وكان منبع الكمالات كلها حتى إنه علم الكتاب الخط وقوانينه وأصحاب الحرف دقائق حرفتهم إنه يعلم الجهر وما يخفى} تعليل لما قبله وما موصولة وكل من الجهر والإخفاء شامل لما كان من قبيل القول والعمل والإخفاء والإخفاء لما في الضمائر من النيات أي يعلم ما ظهر وما بطن من الأمور التي من جملتها ما أوحى إليك فينسى ما يشاء إنساءه ويبثقى محفوظاً ما يشاء إبقاءه لما نيط بكل منهما من مصالح دينكم ﴿وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى﴾ عطف على نقرئك واليسرى فعلى من اليسر وهو السهولة ويسرت كذا سهلت وهيأت وضمن نيسرك معنى التوفيق ولذا عدى بدون اللام وإلا فالعبارة المعتادة أن يقال جعل الفعل الفلاني ميسراً لفلان لا أن يقال جعل فلان ميسراً للفعل الفلاني كما في الآية فإنه قيل ونيسرك لليسرى لا ونيسر اليسرى لك وقال بنون العظمة لتكون عظمة المعطى دليلاً على عظمة العطاء وفي "الإرشاد" تعليق التيسير به عليه السلام، مع أن الشائع تعليقه بالأمور المسخرة للفاعل كما في قوله تعالى :[طه : ٢٦-٩]﴿وَيَسِّرْ لِى أَمْرِى﴾ للإيذان بقوة تمكينه عليه السلام من اليسرى والتصرف فيها بحيث صار ذلك ملكة رسخة له كأنه عليه السلام جبل عليها كما في قوله عليه السلام اعملوا فكل ميسر لما خلق له والمعنى ونوفقك توفيقاً مستمراً توفيقاً للطريقة اليسرى أي التي هي أيسر وأسهل في كل باب من أبواب الدين علماً وتعليماً واهتداء وهداية فيندرج فيه تيسير طريق تلقى الوحي والإحاطة بما فيه من أحكام الشريعة السمحة والنواميس الإلهية مما يتعلق بتكميل نفسه عليه السلام، وتكميل غيره كما يفصح عنه الفاء في قوله تعالى : فذكر إن نفعت الذكرى} أي فذكر الناس حسبما يسرناك له بما يوحي إليك وأهدهم إلى ما في تضاعيفه من الأحكام الشرعية كما كنت تفعله أن نفع التذكير والعظة والنصيحة وتقييد التذكير بنفع الذكرى لما إن رسول الله عليه السلام، طالما كان يذكرهم ويستفرغ فيه جهده حرصاً على إيمانهم وكان لا يزيد ذلك بعضهم إلا كفراً وعناداً فأمر عليه السلام، بأن يخص التذكير بمدار النفع في الجملة بأن يكون من يذكره كلا أو بعضاً ممن يرجى منه التذكر ولا يتعب نفسه في تذكير من لا يزيده التذكير الاعتوا ونفوراً من المطبوع على قلوبهم كما في قوله تعالى فذكر بالقرآن من يخاف وعيد فحرف الشك راجع إلى النبي عليه السلام لا إلى الله وفي "كشف الأسرار" أن تجيء في العربية مثبتة لا لشرط فتكون بدل قد كقوله وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقد علم عليه السلام إن الذكرى تنفع لا محالة إما في ترك الكفر أو ترك المعصية أو في الاستكثار من الطاعة فهو حث على ذلك وتنبيه على إنها تنفع إلا أن تكون مطبوعاً على قلبه غير مستعد للقبول فالنفع مشروط بشرط الاستعداد.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٠٢
زمن شوره سنبل بر نيارد
در وتخم عمل ضابع مكردان
والحاصل أن التذكير خاص بالمنتفع وذلك في النهاية وإما في البداية فعام وما على الرسول إلا البلاغ.
من آنه شرط بلاغتس باتوميكويم
توخواه ازسختم ندكير وخواه ملال
٤٠٧
قال القاشاني : أجمل في قوله إن نفعت الذي تم فصل بقوله ﴿سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَى﴾ أي سيتذكر بتذكيرك ك يعني زود باشدكه ندذيرد.
من شأنه أن يخشى الله حق خشيته أو من يشخى الله في الجملة فيزداد ذلك بالتذكير فيتفكر في أمر ما تذكر به فيقف على حقيقته فيؤمن به وفي التفسير الكبير الناس في أمر المعاد على ثلاثة أقسام منهم من قطع بصحته ومنهم من جوز وجوده ولكنه غير قاطع فيه لا بالنفي ولا بالإثبات ومنهم من أصر على إنكاره والقسمان الأولان ينتفعون بالتذكير بخلاف الثالث ﴿وَيَتَجَنَّبُهَا﴾ أي يتبعد من الذكرى ولا يسمعها سماع القبول ﴿إِلا الاشْقَى﴾ أي الزائد في الشقاوة من الكفة لتوغله في عداوة النبي عليه السلام، مثل الوليد بن المغيرة وأبي جهل ونحوهما أو الأشقى هو الكافر مطلقاً لأنه أشقى من الفاسق وروى أن من يخشى هو عثمان بن عفان رضي الله عنه وإلا شقى رجل من المنافقين وذلك إن المنافق كانت له نخلة مائلة في دار رجل من الأنصار فسقط نمرها في داره فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلّم فأرسل إلى المنافق ولم يكن يعلم بنافقه فسأله أن يعطي النخلة للأنصاري على أن يعطيه نخلة في الجنة فقال أبيع عاجلاً بآجل لا أفعل فأعطه عثمان رضي الله عنه حائط نخل له فنزلت الآية كما في التكملة ونظيره إن رجلاً قضى النبي عليه السلام حاجة فقال ائتني بالمدينة فأتاه فقال أيما أحب إليك ثمانون من الضأن أو أدعو الله أنيجعلك معي في الجنة قال بل ثمانون من الضأن قال أعطوه إياها ثم قال إن أصاحبة موسى عليه السلام كانت أعقل منك وذلك إن عجوزاً دلته على عظام يوسف عليه السلام فقال لها موسى أيما أحب إليك أسأل الله أن تكون معي في الجنة أو مائة من الغنم قالت الجنة.
هركه بيندمر عطارا صد عوض
زود در بزد عطار ازين غرض