(روى) عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن الله تعالى قال الله سبحانه إن لي مع المصلين ثلاث شرائط إحداها تنزل الرحمة من عنان السماء إلى مفرق رأسه ما دام في صلاته والثانية حفته الملائكة بأجنحتها والثالثة أناجي معه كلما قال يا رب أقول لبيك ثم قال عليه السلام لو علم لمصلي من يناجي ما التفت.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٠٢
وروى) عن ابن عمر رضي الله عنه أن المراد بالتزكي إخراج صدقة الفر قبل المضي إلى المصلي وبالذكران يكبر في الطريق حين خروجه إلى المصلي وبالصلاة أن يصلي صلاة العيد بعد ذلك مع الامام وهذه السورة وإن كانت مكية بالإجماع ولم يكن بمكة عيد ولا صدقة فطر إلا أنه لما كان في علمه إن ذلك سيكون اثني الله على من فعل ذلك فإنه تعالى قد يخبر عما سيكون وفي الآية إشارة إلى تطهير النفس عن المخالفات الشرعية وتطهير القلب عن المحبة الدنيوية بل عن ملاحظة الغير والتوجه إلى الله تعالى بقدر الاستعداد إذ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا﴾ إضراب عن مقدر ينساق إليه الكلام كأنه قبل أثر بيان ما يؤدي إلى الفلاح لا تفعلون ذلك بل تختارون اللذات العاجلة الفانية فتسعون لتحصيلها والخطاب إما للكفرة فالمراد بإيثار الحياة الدنيا هو الرضى والاطمئنان بها والإعراض عن الآخرة بالكبة كما في قوله تعالى وإن الذين لا يرجون لقاءنا ورضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها الآية أو للكل فالمراد بإيثارها ما هو أعم مما ذكر وما لا يخلو عنه الناس غالباً من ترجيح جانب الدنيا على الآخرة في السعي وترتيب المبادي والالتفات على الأول لتشديد التوبيخ وعلى الثاني كذلك في حق الكفرة ولتشديد العتاب في حق المسلمين وفي "فتح الرحمن" فالكافر يؤثرها إيثار كفر يرى أن لا آخرة والمؤمن يؤثرها إيثار معصية وغلبة نفس إلا من عصم الله وفي "عين المعاني" خطاب للأمة إذ كل يميل إلى الدنيا إما رغبة فيها أو إدخار الثواب الآخرة.
(وفي كشف الأسرار) : مصطفى عليه السلام أول قلم فتوى.
در حق دنيا اين راندكه حلالها حساب وحرامها عذاب آنكه برو لعنت كردكه.
الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله.
اكردينت همى بايد زد ننا دار ى بكسل
ورت دنيا همي بايد بده دين وببر دنيا
ورازد وزخ همي ترسى بمالي س مشوغره
كه اينجا صورتش ما لست وآنجاشكلش ادرها
ه مانى بهر مردارى وازاغان اندرين ستى
قفص بشكن وطا سان يكى برر بزين بالا
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٠٢
﴿وَالاخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ حال من فاعل تؤثرون مؤكدة للتوبيخ والعتاب أي تؤثرونها على الآخرة والحال أن الآخرة خير في نفسها لما إن نعيمها مع كونه في غاية ما يكون من اللذة خالص عن شائبة الغائلة أبدى لا انصرام له وعدم التعرض لبيان تكدر نعيم الدنيا بالمنغصات وانقطاعه عما قليل لغاية ظهوره وفيه إشارة إلى أن ظواهر الأشياء بالنسبة إلى حقائقها كالقشر بالنسبة إلى اللب واللب خير من القشر وأبقى لأن لب الحب يحفظ زماناً طويلاً وقشره إذا سلخ من اللب يطرح في النار أو يرمى بالمزابل فيفنى بعد اليومين أو أكثر فأرباب
٤١٠
القشر يؤثرون الأمور الظاهر الخسيسة الدنية الفنية على الأمور الباطنة المعنوية الشريفة العزيزة الباقية لكونهم محجوبين عن الآخرة وأرباب اللب يختارون الآخرة بل الله الآخر كما قال قل الله ثم ذرهم ويقال قد أفلح من تزكى أي من تاب من الذنوب وذكر اسم ربه يعني إذا سمع الأذان خرج إلى الصلاة ثم ذم تارك الجماعة لأجل اشتغاله بالدنيا فقال بل تؤثرون الحياة الدنيا يعني تختارون عمل الدنيا على علم الآخرة وعمل الآخرة خير وأبقى من عمل الدنيا والاشتال بها وبزينتها ﴿إِنَّ هَـاذَآ﴾ إشارة إلى ما ذكر من قوله تعالى :﴿قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّه فَصَلَّى * بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا * وَالاخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّ هَـاذَا لَفِى الصُّحُفِ الاولَى﴾ جميع صحيفة وهي الكتاب قال الراغب الصحيفة المبسوط من كل شي كصحيفة الوجه والصحيفة التي كان يكتب فيها والمصحف ما جعل جامعاً للصحف المكتوبة والمعنى لثابت فيها يعني أن تطهير النفس عما لا ينبغي وتكميل الروح بالمعارف وتكميل الجوارح بالطاعة والزجر عن الالتفات إلى الدنيا والترغيب في الآخرة وفي ثواب الله في دار كرامته لا يجوز أن يختلف باختلاف الشرائع ﴿صُحُفِ﴾ جدك ﴿إِبْرَاهِيمَ﴾ الخليل عليه السلام صحف أخيك ﴿مُوسَى﴾ الكليم عليه السلام بدل من الصحف الأولى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٠٢


الصفحة التالية
Icon