أحدهما عن الآخر ويجوز أن يكون المعنى والليل إذا يسر يعني يسرى فيه الساري ويسير فيه السائر فإسناد السرى إلى الليل مجاز كما في نهاره صائم أي هو صائم في نهاره فالتقيد بذلك لأن السير في الليل حافظ للسائر من حر الشمس فإن السفر مع مقاساة حر النهار أشد على النفس وقد قال النبي عليه السلام عليكم بالدلجة فإن الأرض تطوى في الليل وكذا هو حافظ من شر قطاع الطريق غالباً لأنهم مشغولون بالنوم في الليل وحذفت الياء اكتفاء بالكسر ولسقوطها في خط المصحف ولموافقة رؤوس الآي وإن كان وصل إثباتها لأنها لام فعل مضارع مرفوع وسئل الأخفش عن حذفها فقال أخذ مني سنة فسأله بعد سنة فقال الليل يسرى فيه ولا يسرى فعدل به عن معناه فوجب يعدل عن لظفه يعني إن سقوط الياء ليدل على أن أصل الفعل منفى عن الليل وإن كان مسنداً إلى ضميره كما أن حركة العين في الحيوان تدل على وجود معنى الحركة في معنى لحيون لأن للتراكيب خواص بها تختلف وفيه إشارة إلى ظلمة الدن إذا ذهبت وزالت بتجرد الروح وإلى القسم بسريانه ليل الهوية المطلقة في نهار الحقائق المقيدة كما قال يولج اليل في النهار ويولج النهار في الليل برفع المقيدات بسطوات أنوار المطلق وإلى القسم بليلة المعراج التي أسرى الله بعبده فيها فكانت أشرف جميع الليالي لأنها ليلة القدر والشرف والقرب والوصال والخطاب ورؤية الجمال المطلق ﴿هَلْ فِى ذَالِكَ﴾ الخ تقرير وتحقيق لفخامة شأن المقسم بها وكونها أموراً جليلة حقيقة بالإعظام والإجلال عند أرباب العقول وتنبيه على الإقسام بها أمر معتد به خليق بأن يؤكد به الأخبار على طريقة قوله تعالى وإنه لقسم لو تعلمون عظيم كما يقول من ذكر حجة باهرة هل فيما ذكرته حجة والمعنى هل فيما ذكر من الأشياء المقسم بها ﴿قَسَمٌ﴾ أي مقسم به وفي "فتح الرحمن" مقنع ومكتفى ﴿لِّذِى حِجْرٍ﴾ لذي عقل منور بنور المعرفة والحقيقة يراه حيقاً بأن يقسم به إجلالاً وتعظيماً والمراد تحقيق إن الكل كذلك وإنما أوثرت هذه الطريقة هضماً للخلق وإيذاناً بظهور الأمر أو هل في الأقسام بتلك الأشياء أقسام لذي حجر مقبول عنده يعتد به ويفعل مثله ويؤكد به المقسم عليه وبالفارسية آيادرين سوكندكه ياد كردم سوكندى سنديده مرخداوند عقل را تا اعتبار كند ودندكه سوكنديست.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٢٠
محقق ومؤكد والحجر العقل لأنه يحجر صاحبه أي يمنعه من التهافت فيما لا ينبغي كما سمى عقلاً ونهيه بضم النون لأنه يعقل وينهى وحصاة أيضاً من الإحصاء وهو الضبط قال الفراء يقال إنه لذ وحجر إذا كان قاهراً لنفسه ضابطاً لها والتنوين في الحجر للتعظيم قال بعض الحكماء : العقل للقلب بمنزلة الروح للسجد فكل قلب لا عقل له فهو ميت بمنزلة قلب الهائم والمقسم عليه محذوف وهو ليعذبن أي الكفار كما ينبىء عنه قوله تعالى ﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ﴾ الهمزة للإنكار وهو في قوة النفيو نفي النفي إثبات أي ألم تعلم يا محمد علماً يقينياً ارياً مجرى الرؤية في الجلاء أي قد علمت بأعلام الله تعالى وبالتواتر أيضاً كيف عذب ربك عادا ونظائرهم فسيعذب كفار قومك أيضاً لاشتراكهم فيما يوجبه من الكفر والمعاصي والمراد بعاد أولاد عاد بن عوص بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام
٤٢٢


الصفحة التالية
Icon