والمعنى لا يتولى عذاب الله ووثاقه أحد سواه إذا لأمر كلهفلا يلزم أن يكون يوم القيامة معذب سوى الله لكنه لا يعذب أحد مثل عذابه وفي "عين المعاني" لا يعذب كعذاب الله في الآخرة أحد في الدنيا ويجوز أن يكون الهاء للإنسان أي لا يعذب أحد من الزبانية مثل ما يعذبونه وقرأهما الكسائي ويعقوب على بناء المفعول وفي "الكشاف" هي قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وعن أبي عمر وأنه رجع إليه في آخر عمره أي لا يعذب مثل عذاب الإنسان أحد وظاهره يقتضي أن يكون عذابه أشد من عذاب إبليس إلا أن يكون المراد أحد من هذا الجنس كعصاة المؤمنين نسأل الله السلامة والعافية في الدارين ﴿يا أيتها النَّفْسُ الْمُطْمَـاـاِنَّةُ﴾ لما ذكر شقاوة النفس الأمارة شرع في بيان سعادة النفس المطمئنة والاطمئنان السكون بعد الانزعاج وسكون النفس إنما هو بالوصول إلى غاية الغايات في اليقين والمعرفة والشهود وفي قوله تعالى :﴿أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَـاـاِنُّ الْقُلُوبُ﴾ تنبيه على إنه بمعرفته تعالى والإكثار من عبادته يكتسب اطمئنان النفس وإذا وصلت إلى مقام الاطمئنان بذكر الله صار صاحبها في مقام
٤٣١
التلوين في التميكن آمنا من الرجوع إلى الأحكام الطبيعية والآثار البشرية فإن الفاني لا يرد إلى أوصافه فمن كان متمكناً في مقام الترقي تخلص من التنزل إلى مقام النفس الأمارة.
وفي التعريفات النفس المطمئنة هي التي تنورت بنور القلب حتى تخلت عن صفاتها الذميمة وتحلت بالأخلاق الحميدة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٢٠
وقال الكاشفي) : أي نفس آرام كرفته بذكر من كه شاكر بودي در نعمت وصبر نمود درحمنت.
والمعنى إن الله تعالى يقول بالذات للمؤمن إكراماً له كما كلم موسى عليه الصلاة والسلام أو على لسان الملك وذلك عند تمام الحساب يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك} أي إلى ما وعد لك من الكرامة والزلفى فكونه تعالى منتهى الغاية إنما هو بهذا الاعتبار فسقط تمسك المجسمة واستدل بالرجوع الذي هو العود على تقدم الروح خلقاً ﴿رَاضِيَةً﴾ بما أوتيت من النعيم المقيم ﴿مَّرْضِيَّةً﴾ عند الله ﴿فَادْخُلِى فِى عِبَـادِى﴾ في زمرة عبادي الصالحين المختصين بي ﴿وَادْخُلِى جَنَّتِى﴾ معهم كقوله تعالى :﴿وَأَدْخِلْنِى بِرَحْمَتِكَ فِى عِبَادِكَ الصَّـالِحِينَ﴾ فالدخول في زمرة الخواص هي السعادة الروحانية والدخول معهم في الجنات ودرجاتها هي السعادة الجسمانية وقيل المراد بالنفس الروح والمعنى فادخلي في أجساد عبادي التي فارقت عنها وادخلي دار ثواب وهذا يؤيد قول من قال إن الخطاب عند البعث وذهب بعضهم إلى أنه عند الموت كما روى أن أبا بكر رضي الله عنه سأل عن ذلك رسول الله فقال : إن الملك سيقولها لك يا أبا بكر عند موتك وقال الحسن إذا أراد الله قبضها اطمأنت إلى الله ورضيت عن الله ورضى الله عنها وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا توفى العبد المؤمن أرسل الله ملكين وأرسل إليه بتحفة من الجنة فيقال لها اخرجي أيتها النفس المطمئنة أخرجي إلى روح وريحان ورب عنك راض فتخرج كأطيب ريح مسك وجده أحد في أنفه والملك على أرجاء السماء يقولون قد جاء من الأرض روح طيبة ونسمة طيبة فلا تمر بباب إلا فتح ولا بملك الأصلي عليها حتى يؤتى بها إلى الرحمن أي إلى حضوره ومقام مخصوص من مقامات كراماته فتسجد ثم يقال لميكائيل اذهب بهذه فاجعلها مع النفس المؤمنين ثم يؤمر فيوسع عليه قبره سبعون ذراعاً عرضه وسبعون ذراعاً طوله وينبذ له فيه الريحان فإن كان معه شيء من القرآن كفاه نوره وإن لم يكن جعل له نور مثل نور الشمس في قبره فيكون مثله مثل العروس ينام فلا يوقظه إلا أحب أهله وإذا توفى الكافر أرسل الله إليه ملكين وأرسل إليه قطعة بجاد أنتن من كل منتن وأخشن من كل خشن فيقال : أيتها النفس الخبيثة أخرجي إلى جهنم عذاب أليم ورب عليك غضبان وقال سعيد بن جبير رحمه الله مات ابن عباس رضي الله عنهما بالطائف فشهدت جنازته فجاء طائر لم ير مثله على خلقته فدخل نعشه ثم لم ير خارجاً منه فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يرى من تلاها يا أيتها النفس المطمئنة ودل قوله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها إن من النفوس الظبية من يتولى الله قبضها بنفسه فيا طوبى لها وقال بعض أهل الإشارة يا أيتها النفس المطمئنة إلى الدنيا ارجعي إلى الله بتركها وبسلوك سبيل الآخرة
٤٣٢
فادخلي في عبادي الأخروية وادخلي جنتي الصورية والمعنوية.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٢٠
أي باز هوا كرفته باز آي ومرو
كز رشته توسرى در انكشت منست


الصفحة التالية
Icon