يقال وقت الضحى أي وقت إشراق الضو فالضحى والضحوة مشتقان من الضح وهو نور الشمس المنبسط على وجه الأرض المضاد للظل وفيه إشارة إلى الأقسام بشمس الروح وضوئها المنتشر في البدن الساطع على النفس ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَـاـاهَا﴾ من التلو بمعنى التبع أي إذا تبعها بأن طلع بعد عروبها آخذاً من نورها وذلك في النصف الأول من الشهر قال الراغب تلاه تبعه متابعة ليس بسنهما ما ليس منهما وذلك يكون تارة بالجسم وتارة بالاقتداء في الحكم ومصدره تلو وتلو وتارة بالقرآن وتدبر المعنى ومصدره تلاوة ثم قال قوله والقمر إذا تلاها فإنما يراد به ههنا الاتباع على سبيل الاقتداء والمرتبة وذلك إنه فيما قبل أن القمر يقبتس النور من الشمس وهو لها بمنزلة الخليفة قيل وعلى هذا قوله وجعل الشمس ضياء والقمر نوراً والضياء على مرتبة من النور إذ كل ضياء نور دون العكس وفيه اشارة إل قمر القلب إذا تلا الروح في التنور بها وإقباله نحوها واستضاءته بنورها ولم يتبع النفس فيخسف بظلمتها قال شيخي وسندي روح الله روحه في كتاب اللائحات البرقيات له إن الشمس آية للحقيقة الإلهية الكمالية الأكملية
٤٤٠
وإشارة إليها والقمر آية للحقيقة الإنسانية الكمالية الأكملية وإشارة إليها فكما إن القمر منذ خلقه الله إلى يوم القيامة كان مجلى ومظهر التجلي نور الشمس وظهروه في الليل حتى يهتدى به أرباب الليل في الظلمات الليلية في سبرهم وسلوكهم في طرق مقاصدهم فكذلك الحقيقة الإنسانية الكمالية الأكملية منذ خلقها الله إلى أبد الآبدين كانت مجلى ومظهراً لتجلى نور الحقيقة الإلهية الكمالية الأكملية وظهوره في الكون حتى يهتدى به أرباب الكون في ظلمات الكون عند سلوكهم وسيرهم في العوالم والأطوار الكونية نزولاً عند السير إلى عالم الإمكان وعروجا عند السلوك إلى عالم الوجوب فكما أن القمر يفنى من نوره ونفسه بالتمام في نور الشمس ونفسها بحيث لا يبقى أثر من وره ونفسه عند المقارنة والمواصلة الحاصلة بينهما بالتوجه الشمسي القابض والإقبال الجاذب عليه ويبقى مع نوره ونفسه أي جرمه بالكمال وبنور الشمس ونفسها بحيث لا يفنى شيء من نوره ونفسه عند المقابلة والمفارقة الكاملة الحاصلة بينهما بالإرسال إلى نفسه والبسط إلى نوره مراراً وكراراً دائماً وباقياً إلى يوم القيامة فكذلك الحقيقة الإنسانية الكمالية الأكملية تفنى من نورها وتعينها في نور الحقيقة الإلهية الكمالية الأكملية وتعينها بالتمام بحيث لا يبقى لها أثر ما أصلاً عند الوصلة الإلهية الحاصلة في مرتبة الذات الأحدية الجمعية المطلقة بالقبض والجذب من نورها وتعينها إلى نورها وتعينها الأزلي الأبدي السرمدي وتبقى مع نورها وتعينها بنورها بحيث لا يفنى منها أثر أصلاً عند الفرقة الكونية الحاصلة في مرتبة المظهرية الكثرتية الفرقية المقيدة بالبسط والإرسال إلى نورها وتعينها مراراً وكراراً أبداً سرمداً وعند تجلي النور الشمسي والإلهي وظهوره في القمر والإنسان الكامل تدريجاً إلى حد الكمال يكمل بقاؤهما وعند استتاره واختفائه عنهما تدريجاً أيضاً إلى حد التمام يتم فناؤهما وفناؤهما على هذا الوجه من قبض جلال احق سبحانه وبقاؤهما على ذلك النمط من سط جماله تعالى ولله يقبض ويبسط دائماً من مرتبة كماله الذاتي بيدي جلال كماله وجماله بل يداه مبسوطتان كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك وما كان عطاء ربك محظوراً انتهى.
كلامه قدس الله سره فإن قلت إذا ههنا لسيت بشرطية لعدم جوابها لفظاً أو تقديراً حتى يعمل فيها فتكون ظرفاً مطلقاً فلا بد لها من عامل وهو في المشهور اقسم المقدر وهو إنشاء فيكون للحال وإذا للاستقبال ولا اجتماع بينهما فلا تكون ظرفاً ووقتاً له قلت إذا في أمثال هذا المقام للتعليل أي اقسم بالقمر اعتباراً يتلوها وبالنهار اعتباراً بتجليته الشمس وبالليل اعتباراً بغشيانه إياها كما تقول أشهدك على هذا حيث كنت صالحاً متديناً أي لأجل ذلك كذا في بعض التفاسير وقال في "القاموس" إذا تجبىء للحال وذلك بعض القسم مثل والليل إذا يغشى والنجم إذا هوى انتهى فيكن بمعنى حين فاعرف
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٤٠
﴿وَالنَّهَارِ﴾ هو نور الشمس الذي ينسخ ظل الأرض بمحو ظلمة الليل ﴿إِذَا جَلَّـاـاهَا﴾ أي جلى الشمس يعني هويد اكرد.
فإنها تتجلى عند انبساط النهار واستيفائه تمام الانجلاء فكأنه جلاها مع أنها التي تبسطه يعني لما كان انتشار الأثر وهو زمان ارتفاع النهار زماناً لانجلاء الشمس وكان الجلاء واقعاً فيه أسند فعل التجلية إليه إسناداً مجازياً مثل نهاره صائم أو جلى الظلمة أو الدنيا أو الأرض وإن لم يجر لها ذكر للعلم بها وفيه إشارة إلى نهار استيلاء نور الروح وقيام سلطانها واستواء نورها إذا جلاها وأبرزها في غاية الظهور كالنهار عند الاستواء في تجلية الشمس ﴿وَالَّيْلِ﴾ هو ظل اللأرض الحائلة بين الشمس وبين ما وقع عليه ظلمة
٤٤١


الصفحة التالية
Icon