قال في عين المعاني ولم تدخل لام الجنس في سافلين كما ورد في مصحف عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لأنه عنى أسفل الخرفين خاصة دون كل الناس من أهل الزمانة وفي كشف الأسرار السافلون هم الضعفاء من المرضى والزمني والأطفال فالشيخ البكير أسفل من هؤلاء جميعاً إلا الذين آمنوا} أيما نا صادقا ﴿وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ المأمور بها والمأجور عليها وهو على الأول استثناء متصل من ضمير ثم رددناه فإنه في معنى الجمع وعلى الثاني منقطع أي لكن الذين كانوا صالحين من الهرمي.
قال أبو الليث : معنى قوله إلا الذين.
الخ.
يعني لا يخرف ولا يذهب عقل من كان عالماً عاملاً وفي لحديث طوبى لمن طال عمره وحسن عمله وعن ابن عباس رضي الله عنهما، من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر ﴿فَلَهُمْ أَجْرٌ﴾ في دار الكرامة لأنها المحل له ودخول الفاء لتضمن اسم لكن معنى الشرط وهو على الأول للتعليل أي لا يغير صورهم في النار لأنهم مثابون في الجنة ﴿غَيْرُ مَمْنُونٍ﴾ غير منقطع على طاعتهم وصبرهم على الابتلاء بالشيخوخة والهرم وعلى مقاساة المشاق والقيام بالعبادة على ضعف نهوضهم وفي التيسير عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إن العبد إذا مرض أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً كذا روى في الهرم وفي تفسير أبي الليث روى عن النبي عليه السلام أنه قال إن المؤمن إذا مات صعد الملكان إلى السماء فيقولاون إن عبدك فلاناً قد مات فائذن لنا حتى نعبدك على السماء فيقول الله إن سمواتي مملوءة بملائكتي ولكن اذهبا إلى قبره واكتاب حسناته إلى يوم القيامة ويجوز أن يكون المعنى غير ممنون به عليهم كما سبق في آخر سورة الانشقاق
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٦٦
﴿فَمَا يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ﴾ بعد مبنى على الضم لحذف المضاف إليه ونيته والاستفهام مشعر بالتعجب أي فأي شيء يكذبك يا محمد دلالة أو نطقاً بالجزاء بعد ظهور هذه الدلائل الناطقة به أي ينسبك إلى الكذب بسب إثباتك الجزاء وإخبارك عن البعث والمراد الآلة الدالة على كمال القدرة فإن من خلق الإنسان السوي من الماء المهين وجعل ظاهره وباطنه على أحسن تقويم ودرجه في مراتب الزيادة إلى أن استكمل واستوى ثم نكسه إلى أن يبلغ إلى أرذل العمر لا شك أنه قادر على البعث والجزاء أو فما يجعلك أيها الإنسان كاذباً بسبب الدين وإنكاره بعد هذا الدليل يعني إنك تكذب إذا كذبت بالجزاء لأن كل مكذب للحق فهو كاذب وحاصله أن خلق الإنسان من نطفة وتقويمه بشراً سوياً وتحويله من حال إلى حال كمالاً ونقصانا من أوضح دليل على قدرة الله تعالى على البعث والجزاء فأي شيء يضطرك بعد هذا الدليل القاطع إلى أن تكون كاذباً بسبب تكذيبه أيها الإنسان
٤٦٩
﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ﴾ أي أليس الذي فعل ما ذكر باحكم الحاكمين صنعاً وتدبيراً حتى يتوهم عدم الإعادة والجزاء أي أليس ذلك بأبلغ اتقاناً للأور من كل متقن لها إذا لحاكم هو المتقن للأمور ويلزمه كونه تام القدرة كامل العلم وحيث استحال عدم كونه احكم الحاكمين تعين الإعادة والجزاء أو المعنى أليس الله باقضى القاضين يحكم بينك وبين من يكذبك بالحق العدل يقال حكم بينهم أي قضى فالآية وعيد للمكذبين وإنه يحكم عليهم بما هم أهله وكان عليه السلام إذا قرأها يقول بلى وأنا على ذلك من الشاهدين يعني خارج الصلاة كما في "عين المعاني" ويأمر بذلك أيضاً قال من قرأ أليس الله باحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين ومن قرأ هذه السورة إعطاه الله خصلتين العافية واليقين ما دام في الدنيا ويعطي من الأجر بعدد من قرأها.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٦٦


الصفحة التالية
Icon