اجتمعت المصاحف العثمانية على حذف الواو من سندع خطا ولا موجب للحذف من العربية لفظاً ولعله للمشاكلة مع فليدع أو للتشبيه بالأمر في أن الدعاء أمر لابد منه قوال ابن خالويه في إعراب الثلاثين آية الأصل سندعو بالواو غير أن الواو ساكنة فاستثقلها اللام ساكنة فسقطت الواو في المصحف من سندع ويدع الإنسان ويمح الله الباطل وكذلك الياء من واد النمل وإن الله لهاد الذين آمنوا والعلة فيهاما أنبأتك من بنائهم الخط على اللفظ انتهى والزبانية في الأصل في كلام العرب الشرط كصرد جمع شرطة بالضم وهم طائفة من أعوان الولاة سموا بذلك لأنهم أعلموا أنفسهم بعلامات يعرفون بها كما في "القاموس" والشرط بالتحريك العلامة والواحد زبنية كعفرية وعفرية الديك شعرة القفا التي يردها إلى يافخوخه عند الهراش من الزبن بالفتح كالضرب وهو الدفع لأنهم يزبنون الكفار أي يدفعونهم في جهم بشدة وبطش يعني أن ملائكة العذاب سموا بما سمى به الشرط تشبيهاً لهم بهم في البطش والقهر والعنف والدفع وقيل الواحد زبنى وكأنه نسب إلى الزبن ثم غير إلى زبانية كأنسى بكسر الهمزة وأصلها زبني وقيل زبانية بتعويض التاء عن الياء بعد حذفها للمبالغة في الدفع وفيه إشارة إلى التجليات القوية الجلالية الجرارة أبا جهل النفس الأمارة وأهل ناديه الذي هو الهوى وقوه الظلمانية إلى نار الخذلان وجهنم الخسران ﴿كَلا﴾ ردع بعد ردع للناهي المذكور وزجر له أثر زجر فهو متصل بما قبله ولذا جعلوا الوقف عليه وقفا مطلقاً ﴿لا تُطِعْهُ﴾ أي دم على ما أنت عليه من معاصاة ذلك الناهي الكاذب الخاطىء كقوله تعالى :﴿لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ﴾ وواظب على سجودك وصلاتك غير مكترث به ﴿وَاقْتَرِب﴾ وتقرب بذلك السجود إلى ربك وفي الحديث :"أقرب ما يكون العبد من ربه إذا سجد فأكثروا من الدعاء في السجود" كلمة ما مصدرية وأقرب مبتدأ حذف خبره ويكن تامة أي أقرب وجود العبد من ربه حاصل وقت سجوده.
ودر فتوحات اين راسجده قرب كفته.
وهذا محل سجود عند الثلاثة خلافاً لمالك ومم عن أصولهم في قولهم بالوجوب والسنية ثم إن السجود إشارة إلى إزالة حجاب الرياسة وفي الحديث :"لا كبر مع السجود" يعني هركه سجده آرد از كبر دور كست وبر دركاه الله شرف متواضعان يافت.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٠
روى أن إبراهيم عليه السلام، أضاف يوماً مائتي مجوسي فلما أكلوا قالوا أمرنا يا إبراهيم، قال : إن لي إليكم حاجة فقالوا ما حاجتك قال اسجدوا لربي سجدة واحدة فتشاوروا فيما بينهم فقالوا إن هذا الرجل قد صنع معروفاً كثيراً فلو سجدنا لربه ثم رجعنا إلى آلهتنا لا يضرنا ذلك بشيء فسجدوا جميعاً فلما وضعوا رؤوسهم على الأرض ناجى إبراهيم ربه فقال إني جهدت جهدي حتى حملتهم على هذا ولا طاقة لي على غيره وإنما التوفيق والهداية بيدك اللهم زين صدورهم بالإسلام فلما رفعوا رؤوسهم من السجود أسلموا وللسجدة أقسام سجدة الصلاة وسجدة التلاوة وسجدة السهو وهذه مشهورة وسجدة التعظيم لجلال الله وكبريائه وسجدة التضرع إليه خوفاً وطمعاً وسجدة الشكر له وسجدة المناجاة وهذه مستحبة في الأصح صادرة عن
٤٧٨
الملائكة وعن رسول الله عليه السلام وسائر الأنبياء والأولياء عليهم السلام وقال أبو حنيفة ومالك سجود الشكر مكروه فيقتصر على الحمد والشكر باللسان وقال الأمامان هي قربه يثاب فاعلها.
وقال القاشاني : قرأ عليه السلام ف هذه السجدة أي سجدة اقرأ "أعوذ بعفوك من عقابك" أي بفعل لك من فعل لك "وأعوذ برضاك من سخطك" أي بصفة لك من صفة لك "وأعوذ بك منك" أي بذاتك من ذاتك وهو معنى اقترابه بالسجود.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٠


الصفحة التالية
Icon