ولكن قلب الإنسان ألطف منه لأنه زبدته وأشرفه لأن القرآن نزل به الروح الأمين على قلب النبي المختار وهنا سؤال وهو الملائكة بأسرهم صعقوا ليلة نزول القرآن من حضرة اللوح المحفوظ إلى حضرة بيت العزة فما وجهه والجواب أن محمداً صلى الله عليه وسلّم عندهم من أشراط القيامة والقرآن كتابه فنزوله دل على قيام الساعة فصعقوا هيبة منه وإجلالاً لكلامه وحضرة وعده ووعيده وفي بعض الأخبار إن الله تعالى إذا تكلم بالرحمة تكلم بالفارسية والمراد بالفارسية لسان غير العرب سريانياً كان أو عبرانياً وإذا تكلم بالعذاب تكلم بالعربية فلما سمعوا العربية المحمدية ظنوا أنه عقاب فصعقوا وسيأتي معنى القدر ثم القرآن كلامه القديم أنزله في شهر رمضان كما قال تعالى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وهذا هو البيان الأول ولم ندر نهاراً أنزل فيه أم ليلاً فقال تعالى :[الرحمن : ٤٤-٤]﴿إِنَّآ أَنزَلْنَـاهُ فِى لَيْلَةٍ مُّبَـارَكَةٍ﴾ وهذا هو البيان الثاني ولم ندراي ليلة هي فقال تعالى : إنا أنزلناه في ليلة القدر فهذا هو البيان الثالث الذي هو غاية البيان فالصحيح أن الليلة التي يفرق فيها في كل أمرح كيم وينسخ فيها أمر السنة وتدبير الأحكام إلى مثلها هي ليلة القدر ولتقدير الأمور فيها سميت ليلة القدر ويشهد التنزيل لما ذكرنا إذ في أول الآية إنا أنزلناه في ليلة باركة ثم وصفها فقال فيها يفرق كل أمر حكيم والقرآن إنما نزل في ليلة القدر فكاتن هذه الآية بهذا الوصف في هذه الليلة مواطئة لقوله تعالى : إنا أنزلناه في ليلة القدر كذا في قوت القلوب للشخ أبي طالب المكي قدس سره فإن قلت ما الحكمة في إنزال القرآن ليلاً قلت لأن أكثر الكرامات ونزول النفحات والإسراء إلى السموات يكون بالليل والليل من الجنة لأنها محل الاستراحة والنهار من النار لأن فيه المعاش والتعب والنهار حظ اللباس والفراق والليل حظ الفراش والوصال وعبادة الليل أفضل من عبادة النهار لأن قلب الإنسان فيه أجمع والمقصود هو حضور القلب قال بعض العارفين : أعمل التوحيد في النهار والاسم في الليل حتى تكون جامعاً بين الطريقتين الجلوتية بالجيم والخلوتية ويكون التوحيد والاسم جناحين لك وما أدراك ما ليلة القدر} أي وأي شيء أعلمك يا محمد ما هي أي إنك لا تعل كنهها لأن علو قدرها خارج عن دائرة دراية اللخق لا يدريها ولا يدريها الإعلام الغيوب وهو تعظيم للوقت الذي أنزل فيه ونم عض فضائل ذلك الوقت إنه يرتفع سؤال القبر عمن مات فيه وكذا في سائر الأوقات الفاضلة ومن ذلك العيد ثم مقتضى الكرم أن لا يسأل بعده أيضاً وقد وقع تجلى الأفعال لسيد الأنبياء عليه السلام في رجب ليلة الجمعة الأولى بين العشاءين فلذا استحب صلاة الرغائب وقتئذٍ وتحلى الصفات في نصف شعبان فلذا استحب صلاة البراءة بعد العشاء قبل الوتر وتجلى الذات في ليلة القدر ولذلك استحب صلاة القدر فيها كما سيجيء ولما كان هذا معرباً عن الوعد بإدرائها قال
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٩
﴿لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ القيامها والعبادة فيها ﴿خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ أي من صيامها وقيامها ليس فيها ليلة القدر حتى لا يلزم تفضيل الشيء على نفسه فخير هنا للتفضيل أي أفضل وأعظم قدراً وأكثر أجراً من تلك المدة وهي ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر وفي الحديث من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه
٤٨٠