﴿مِّن كُلِّ أَمْرٍ﴾ متعلق بتنزل أيضاً أي من أجل كل أمر قدر في تلك السنة من خير أو شر أو بكل أمر من الخير والبركة كقوله تعالى :[الرعد : ١١-٥]﴿يَحْفَظُونَه مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ أي بأمر الله قيل يقسم جبرائيل في تلك الليلة بقية الرحمة في دار الحرب على من علم الله أنه يموت مسلماً فبتلك الرحمة التي قسمت عليهم ليلة القدر يسلمون ويموتون مسلمينفإن قيل المقدرات لا تفعل في تلك الليلة بل في تمام السنة فلما ذا تنزيل الملائكة فيها لأجل تلك الأمور قيل لعل تنزلهم لتعين انفاذ تلك الأمور وتنزلهم لأجل كل أمر ليس تنزل كل واحد لأجل كل أمر بل ينزل الجميع لأجل جميع الأمور حتى يكون في الكلام تقسيم العلل على المعلولات سلام هي} تقديم الخبر لأفادة احصر مثل تميمي أنا أي ما هي إلا سلامة أي لا يحدث فيها داء ولا شيء من الشرور والآفات كالرياح والصواعق ونحو ذلك مما يخاف منه بل كل ما ينزل في هذه الليلة إنما هو سلامة ونفع وخير ولا يستطيع الشيطن فيها سوأ ولا ينفذ فيها سحر ساحر والللة ليست نفس السلامة بل ظرف لها ومع ذلك وصفت بالسلامة للمبالغة في اشتمالها عليها وعلم منه أنه يقضى في غير ليلة القدر كل من السلامة والبلا يعني يتعلق قضاء الله بهما أو ما هي الإسلام لكثرة ما يسلمون فيها على المؤمنين ومن إصابته التسليمة غفر له ذنبه وفي الحديث :"ينزل جبرائيل ليلة القدر في كبكبة من الملائكة" أي : جماعة متضامة يصلون ويسلمون على كل عبد قائم أو قاعد بذكر الله ﴿حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ أي وقت طلوعه قدر المضاف لتكون الغاية من جنس المغيا فمطلع بفتح اللام مصدر ميمي ومن قرأ بكسر اللام جعله اسما لوقت الطلوع أي اسم زمان وحتى متعلقة بتنزل على أنها غاية لحكم التنزل أيلمكثهم في تنزلهم أو لنفس تنزلهم بأن لا ينقطع تنزلهم فوجاً بعد فوج إلى طلوع الفجر.
وقال بعضهم : ليلة القدر من غروب الشمس إلى طلوع الفجر سلام، أي يسلم فيها الملائكة على الطميعين إلى وقت طلوع الفجر ثم يصعدون إلى السماء فحتى متعلقة بسلام قالها علامة ليلة القدر إنها ليلة لا حارة ولا باردة وتطلع الشمس صبيحتها لإشعاع لها لأن الملائكة تصعد عند طلوع الشمس إلى السماء فيمنع صعودها انتشار شعاعها لكثرة الملائكة
٤٨٥
أو لأنها لا تطلع في هذه الليلة بين قرني الشيطان فإنها على ما جاء بعض الأحاديث تطلع كل يوم بين قرني الشيطان ويزيد الشيطان في بث شعاعها وتزيين طلوعها ليزيد في غرور الكافرين ويحسن في أعين الساجدين وقد سبق أنه يعذب الماء الملح تلك الليلة وإما النور الذي يرى ليلة القدر فهو نور أجنحة الملاكئة أو نور جنة عدن تفتح أبوابها ليلة القدر أو نور لواء الحمد أو نور أسرار العارفين رفع الله الحجب عن أسرارهم حتى يرى الخلق ضياءها وشعاعها وهو المناسب لحقيقة ليلة القدر فإن حقيقتها عبارة عن انكشاف الملكوت لقلب العارف فإذا تنول الباطن بنور الملكوت انعكس منه إلى الظاهر وفي الحديث من قرأ سورة القدر أعطى ثواب من صام رمضان وأحيى ليلة القدر.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٧٩