وفي "الإرشاد" إن أريد بالجنات الأشجار الملتفة الأغصان كما هو الظهر فريان الأنهار من تحتها ظاهر وإن أريد بها مجموع الأرض وما عليها فهو باعتبار الجزء الظاهر وأيا ما كان فالمراد جريانها بغير اخدود وجمع جنات يل على أن للمكلف جنات كما يدل عليه قوله تعالى :[البينة : ٨]﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّه جَنَّتَانِ﴾ ثم قال : ومن دونهما جنتان فذكر للواحد أربع جنات والسبب فيه أنه بكى من خوف الله تعالى وذلك البكاء إنما نزل من أربعة أجفان اثنان دون اثنين فاستحق به جنتين دون نتين فحصل له أربع جنان لبكائه بأربعة أجفان وقيل : أنه تعالى قابل الجمع بالجمع في قوله جزاؤهم عند ربهم جنات وهو يقتضي مقابلة الفرد بالفرد فيكون لكل مكلف جنة واحدة لكن أدنى تلك الجنات مثل الدنيا بما فيها عشر مرات كذا روى مرفوعاً ويدل عليه قوله تعالى : وملكا كبيرا أو الألف واللام في الأنهار للتعريف فتكون منصرفة إلى الأنهار المذكورة في القرآن وهي نهر الماء ونهر اللبن ونهر العسر ونهر
٤٩٠
الحمر وفي توصفها بالجري بعد ما جعل الجنات الموصوفة جزاء إشارة إلى مدحهم بالمواظبة على الطاعات كأنه تعالى يقول طاعتك كانت جارية ما دمت حياً على ما قال واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فلذلك كانت أنهار كرمي جارية إلى الأبد خالدين فيها أبدا} متنعمين بفنون النعم الجسمانية والروحانية وهو حال وذو الحال وعامله كلاهما مضمران يدل عليه جزاؤهم والتقدير يجزون بها خالدين فيها وقوله أبداً ظرف زمان وهو تأكيد لخلود أي لا يموتون فيها ولا يخرجون منها ﴿رَّضِىَ اللَّهُ عَنْهُمْ﴾ استئناف مبين لما يتفضل به عليهم زيادة على ما ذكر من أجزية أعمالهم أي استئناف أخبار كأنه قيل تزاد لهم أو استئناف دعاء من ربهم فلذا فصل وقد يجعل خبراً بعد خبر وحالاً بتقدير قد قال ابن الشيخ لما كان المكلف مخلوقاً من جسد وروح وإنه اجتهد بهما في طاعة ربه اقتضت الحكمة أن يجزيه بما يتنعم ويستريح به كل واحد منهما فجنة الجسد هي الجنة الموصوفة وجنة الروح هي رضى الرب (مصراع) :
يست جنت روح را رضوان أكبر از خدا
﴿وَرَضُوا عَنْهُ﴾ حيث بلغوا من المطالب قاصيتها وملكوا من المآرب ناصيتها وأبيح لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لا سيما أنهم أعطوا لقاء الرب الذي هو المقصد الأقصى.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٨٦
دارند هركس ازتو مرادى ومطلبي
مقصود مازديني وعقبى لقاي تست
﴿ذَالِكَ﴾ المذكور من الجزاء والرضوان وقال بعضهم الأظهر أنه إشارة إلى ما ترتب عليه الجزاء والرضوان من الإيمان والعمل الصالح ﴿لِمَنْ خَشِىَ رَبَّهُ﴾ براي آنكس كه بترسد از عقوبت روردكار خود وبموجبات ثواب اشتغال نمايد وذكل الخشية التي هي من خصائص العلماء بشؤون الله تعالى مناط لجميع الكمالات العلمية العملية المستتبعة للسعادات الدينية والدنيوية قال تعالى إنا يخشى الله من عباده العلماء والتعرض لعنوان الربوبية المعربة عن المالكية التربية للإشعار بعلة الخشية والتحذير من الاغترار بالتربية وعن أنس رضي الله عنه قال عليه السلام لأبي بن كعب رضي الله عنه، إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين كفروا.
الخ، قال أو سماني لك قال : نعم، قال : وقد ذكرت عند رب العالمين قال نعم فذرفت عيناه أي سال دمع عينيه وعن السنة أن يستمع القرآن في بعض الأوقات من غيره فإنه قال عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال لي رسول الله عليه السلام، وهو على المنبر اقرأ على قلت اقرأ عليه وعليك أنزل قال إني أحب أن أسمعه من غيري فقرأت سورة النساء حتى أتيت هذه الآة فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً قال حسبك الآن فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان أي تقطران وكان عمر رضي الله عنه يقول لأبي موسى الأشعري رضي الله عنه ذكرنا ربنا فيقرأ حتى يكاد وقت الصلاة يتوسط فيقول يا أمير المؤمنين الصلاة الصلاة فبقول أنا في الصلاة وفي الحديث :"من استمتع آية من كتاب الله كان له نوراً يوم القيامة" فظهر أن استماع القرآن من الغير
٤٩١
في بعض الأحيان من السنن وإما أنه هل يفرض استماعه كلما قرىء بناء على قوله تعالى :﴿وَإِذَا قُرِىءَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَه وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ ففي الصلاة نعم وإما خارجها فعامة العلماء على استحبابها كما في شرح شرعة الإسلام للشيخ قورد أفندي رحمه الله.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٨٦