وهو مفعول به لوسطن والفاآت للدلالة على ترتب ما بعد كل منها على ما قبلها فإن توسط الجمع مترتب على الإثارة المترتبة على الإغارة المترتبة على الإيراء المترتب على العدو ﴿إِنَّ الانسَـانَ لِرَبِّه لَكَنُودٌ﴾ جواب القسم يقال كند النعمة كنودا كفر بها فالكنود بالضم كفران النعمة وبالفتح الكفور ومنه سمى كندة بالكسر وهو لقب ثور بن عفيرابي حي من اليمن لأنه كند أبوه النعمة ففارقه ولحق بأخواله وقال الكلبي : الكنود بلسان كندة العاصي وبلسان بني مالك البخيل وبلسان مضر وربيعة الكفور والمراد بالإنسان بعض أفراده أي إنه لنعمة ربه خصوصاً لكفور أي شديد الكفارن فقوله لربه متعلق بكنود قدم عليه لإفادة التخصيص ومراعاة الفواصل روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعث إلى ناس من بني كنانة سرية واستعمل عليها المنذر بن عمرو الأنصاري رضي الله عنه، وكان أحد النقباء فأبطأ عليه صلى الله عليه وسلّم خبرها شهراً فقال المنافقون إنهم قتلوا فنزلت السورة أخباراً للنبي عليه السلام بسلامتها وأشارة له بإغارتها على القوم ونعيا على المرجفين في حقهم ما هم فيه من الكنود فاللام في العاديات إن كانت للعهد كان المقسم به خيل تلك السرية وإن كانت للجنس كان ذلك قسماً بكل خيل عدت في سبيل الله واتصفت بالصفات المذكورة وعلى التقديرين فهي مستحقة لأن يقسم بها لاتصافها بتلك الصفات الشريفة وفي تخصيص خيل الغزاة بالأقسام بها من الراعة ما لا مزيد عليه كأنه قيل وخيل الغزاة التي فعلت كيت وكيت وقد أرجف هؤلاء في حق أربابها ما أرجفوا إنهم مبالغون في الكفران وإذا كان شرف خيل الغزاة بهذه المرتبة حتى أقسم الله بها فما ظنك بشرف الغزاة وفضلهم عند الله تعالى وعنه عليه السلام الكنود هو الذي يضرب عبده ويأكل وحده ويمنع رفده أي عطاه فيكون بخيلاً يقال كان ثلاثة نفر من العرب في عصر وحد أحدهم آية في السخاء وهو خاتم الطائي والثاني آية في البخر وهو أبو حباحب وبخله إنه كان لا يوقد النار للخبز إلا إذا نام الناس فإذا انتبهوا أطفأ ناره لئلا ينتفع بها أحد والثالث آية في الطمع وهو أشعب بن جبير مولى مصعب بن الزبير بن العوام قرأ صبي في المكتب وعنده أشعب جال إن أبي يدعوك فقام وليس نعليه فقال الصبي أنا أقرأ حزبي وكان إذا رأى إنساناً يحك عنقه يظن أنه ينتزع قميصه ليدفعه إليه وكان إذا رأى دخاناً ارتفع من دار ظن أن أهلها تأتي بطعام وكان إذا رأى عروساً تزف إلى موضع جعل يكنس باب داره لكي تدخل داره قال ما رأيت أطمع مني إلا كلباً تبعني على مضغ العلك فرسخاً وقال الحسن لكنود أي لوام لبه يذكر المصيبات وينسى النعم، وقال أبو عبيدة : قليل الخير من الأرض الكنود التي لا تنبت شيئاً كأنه مقلوب النكد.
وقال القاشاني لكفور لربه باحتجابه بنعمه عنه ووقوفه معها وعدم استعماله لها فيما ينبغي ليتوصل بها إليه.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٩٦
وفي التأويلات النجمية : لكنود بنعمة الوجود والصفات والأسماء لادعائها لنفسه بالاستقلال والاستبداد أو لعاص باستعمالها في غير محالها أو لبخيل لاختصاصها لنفسه وعدم إيثارها على الخلق بطريق الإرشاد ﴿وَإِنَّه عَلَى ذَالِكَ﴾ أي الإنسان على كنوده ﴿لَشَهِيدٌ﴾ أي يشهد على نفسه بالكنود لظهور أثره عليه فالشهادة بلسان الحال لا بلسان
٤٩٧
المقال ويحتمل أن يجعل من الشهود بمعنى أنه لكفور مع علمه بكفارنه والعمل السيء مع العلم به غاية المذمة ﴿وَإِنَّه لِحُبِّ الْخَيْرِ﴾ أي المال كما في قوله تعالى :[البقرة : ١٨٠-٧]﴿إِن تَرَكَ خَيْرًا﴾ وإيثار الدنيا وطلبها وفي الأسئلة المقحمة فإن قلت سمى الله الجنس المال خيراً وعسى أن يكون خبيثاً وحراماً قلت أنما سماه خيراً جرياً على العادة فإنهم كانوا يعدون المال خيراً فسماه الله خيراً جرياً على عادتهم كما سمى الجهاد سوأ فقال لم يمسسهم سوء أي قتال والقتال ليس بسوء ولكن ذكره جرياً على عادتهم لشديد} أي قوى مطيق مجد في طلبه وتحصيله متهالك عليه وهو لحب عبادة الله وشكر نعمته ضعيف متقاعس يقال هو شديد لهذا الأمر وقوى له إذا كان مطيقاً له ضابطاً أو الشديد البخيل الممسك يعني وإنه لأجل حب المال وثقل إنفاقه عليه لبخيل ممسك ولعل وصفه بهذا الوصف القبيح بعد وصفه بالكنود للإيماء إلى أن من جملة الأمور الداعية للمنافقين إلى النفقا حب المال لأنهم بما يظهرون من الإيمان يعصمون أموالهم ويجوزون من الغنائم نصيباً.
شيخ الإسلام قدس سره فرموده كه اكرمال رادوست ميدارى بده تابازبتو دهند وبراي وارث منه كه داغ حسرت بردل تونهند.
مال همان به كه بياران دهى
كر بدهى به كه بخا كش نهى
زرزى مفعت است أي حكيم
بهر نهادن ه سفال وه سيم
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٤٩٦


الصفحة التالية
Icon