قتيبة فعلة بسكون العين من صفات المفعول وفعلة بفتح العين من صفات الفاعل يقال رجل هزءة للذي يهزأ به وهزأة لمن يهزأ بالناس وعلى هذا القياس لعنة ولعنة ولمزة ولمزة وغيرها ونزلوها في الأخنس بن شريف أو في الوليد بن المغيرة فإن كلا منهما كان يغتاب رسول الله عليه السلام، والأصح العموم لقوله تعالى :[الهمزة : ١، ٢]﴿لِّكُلِّ﴾ ولم يقل للهمزة واللمزة كما قرأ عبد الله كما في عين المعاني وفي الحديث : المؤمن كيس فطن حذر وقاف متثبت لا يعجل عالم ورع والمنافق همزة لمزة حطمة كحاطب ليل لا يدري من أين اكتسب وفيم أنفق.
قال القاشاني : الهمز واللمز رذيلتان مركبتان من الجهل والغضب والكلب لأنهما يتضمنان الأذية وطلب الترفع على الناس وصاحبهما يريد أن يتفضل على الناس ولا يجد في نفسه فضيلة يترفع بها فينسب العيب والرذيلة إليهم ليظهر فضله عليهم ولا يشعر أن ذلك عين الرذيلة وإن عدم الرذيلة ليس بفضيلة فهو مخدوع من نفسه وشيطانه موصوف برذيلتي القوة النطقية والغضبية الذي جمع مالاً} بدل من كل كأنه قيل ويل للذي جمع مالاً وإنما وصفه الله بهذا الوصف المعنوي لأنه يجري مجرى السبب للهمزة واللمزة من حيث إنه أعجب بنفسه مما جمع من المال وظن أن كثرة امال سبب لعزا لمرء وفضله فلذا استنقص غيره وإنما لم يجعل وصفاً نحوياً لكل لأنه نكرة لا يصح توصيفها بالموصولات وتنكير ما لا للتفخيم والتكثير الموافق لقوله تعالى :﴿وَعَدَّدَهُ﴾ أي عده مرة بعد أخرى من غير أن يؤدي حق الله منه ويؤيد أنه من العد وهو الإحصاء لا من العدة إنه قرىء وعدده يفك الإدغام على أنه فعل ماض بمعنى أحصاه وضبط عدده وقيل معنى عدده جعله عدة وذخيرة لنوائب الدهر وكان للأخنس المذكور أربعة آلاف دينارا وشعرة آلاف ثم في الجمع إشارة إلى القوة الشهوانية وفي عدده إلى الجهل لأن الذي جعل المال عدة للنوائب لا يعلم أن نفس ذلك المال هو الذي يجر إليه النوائب لا يعلم أن نفس ذلك هو الذي يجر إليه النوائب لاقتضاء حكمة الله تفريقه بالنائبات فكيف يدفعها.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠٧
وفي التأويلات النجمية جمع مال الأخلاق الذميمة والأوصاف الرديئة وجعله عدة منازل الآخرة والدخول على الله ﴿يَحْسَبُ أَنَّ مَالَه أَخْلَدَهُ﴾ إظهار المال لزيادة التقرير أي يعمل من تشييد البنيان وإيثاقه بالصخر والآجر وغرس الأشجار وكرى الأنهار عمل من يظن أنه لاي موت بل ماله يبقيه حياً فالحسبان ليس بحقيقي بل محمول على التمثيل.
وقال أبو بكر بن طاهر رحمه الله، يظن أنه ماله يوصله إلى مقام الخلد وإنما قال أخلده ولم يقل يخلده لأن المراد أن هذا الإنسان يحسب أن المال قد ضمن له الخلود وأعطاه الأمان من الموت فكأنه حكم قد فرغ منه ولذلك ذكره بلفظ الماضي قال الحسن رحمه الله ما رأيت يقيناً لا شك فيه أشبه بشك لا يقين فيه كالموت ونعم ما قال ﴿كَلا﴾ ردع له عن ذلك الحسبان الباطل يعني نه نانست كه آدمى ندارد وقال بعضهم : الأظهر أنه ردع له على الهمز واللمز جواب قسم مقدر والجملة استيناف مبين لعلة الردع أي والله ليطرحن ذلك الذي يحسب وقوع الممتنع بسب تعاطيه للأفعال المذكورة وقال بعضهم ولك أن ترد الضمير إلى كل من الهمزة واللمزة ويؤيده قراءة لينبذان على التثنية
٥٠٨
﴿فِى الْحُطَمَةِ﴾ أي في النار التي شأنها أن تحطم وتكسر كل ما يلقى فيها كما أن شأنه كسر بأعراض الناس وجمع المال قال بعضهم : قولهم إن فعلة بفتح العين للمكثير المتعود ينتقص الحطمة فإنها أطلقت على النار وليس الحطم عادتها بل طبيعتها وجوابه أن كونه طبيعياً لا ينافي كونه عادة إذ العادة على ما في "القاموس" الديدن والشأن والخاصية وهو يغم الطبيعي وغيره ومنه يعلم أن النبذ في الحطمة كان جزاء وفاقلاً لأمالهم فإنه لما كان الهمز واللمز عادتهم كان الخطم أيضاً عادة فقويل صيغة فعلة بفعلة وكذا ظنوا أنفسهم أهل الكرامة والكثرة فعبر عن جزائهم بالنبذ المنبىء عن الاستحقار والاستقلال يعني شبههم استحقاراً لهم واستقلالاً بعددهم بحصيات أخذهن أحد في كفه فطرحهن في البحر وفيه إشارة إلى الإسقاط عن مرتبة الفطرة إلى مرتبة الطبيعة الغالبة ﴿وَمَآ أَدْرَاـاكَ مَا الْحُطَمَةُ﴾ تهويل لأمرها ببيان أنها ليست من الأمور التي تنالها عقول الخلق والمعنى بالفارسية وه يز دانا كرد تراثا داني يست حطمه ﴿نَارُ اللَّهِ﴾ أي هي نار الله ﴿الْمُوقَدَةُ﴾ أفروخته شد.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠٧


الصفحة التالية
Icon