تفسير سورة الفيل
خمس آيات مكية
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٠٩
﴿أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ﴾ الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلّم والهمزة لتقرير رؤيته بإنكار عدمها ويكفها معلقة لفعل الرؤية منصوبة بما بعدها والرؤية علمية لأن النبي عليه السلام، ولد عام الفيل ولم يرهم والمراد بأصحاب الفيل أبرهة وقومه وبالفيل هو الفيل الأعظم الذي اسمه محمود وكنيته أبو العباس كما سيجيء ونسبوا إليه لأنه كان مقدمهم والمعنى ألم تعلم علماً رصيناً متاخماً للمشاهدة والعيان باستماع الأخبار المتواتة ومعاينة الآثار الظاهرة وتعليق الرؤية بكيفية فعله تعالى لا بنفسه بأن يقال : ألم تر ما فعل ربك.
الخ لتهويل الحادثة والإيذان بوقوعها على كيفية هائلة وهيئات عجيبة دالة على عظم قدرة الله وكمال علمه وحكمته وعزة بيته وشرف رسوله فإن ذلك من الإرهاصات والإرهاص أن يتقدم على دعوى النبوة ما يشبه المعجزة تأسيساً لها ومقدمة كإظلال اغمام له عليه السلام، وتكلم الحجر والمدر معه قال بعضهم : الإرهاص الترصد سميت الأمور الغريبة التي وقعت للنبي عليه السلام إرهاصات لأن كلا منها مما يترصد بمشاهدته نبوته فالإرهاص إنما يكون بعد وجود النبي وقيل مبعثه وفي كلام بعضهم إن الإرهاص يكون قبل وجوده أيضاً قريباً من عهده كما دل عليه قصة الفيل ورجحوا الأول فإن قيل اتحاد السنة بأن يكون وقوع القصة عام المولد أمر اتفاقي لا يمنع عن كون الواقعة لتعظيم الكعبة قلنا شرفها أيضاً بشرف مكانه عليه السلام ألا يرى أنه تعالى كيف قيد الأقسام بالبلد بحلوله عليه السلام فيه حيث قال : لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد قال في "فتح الرحمن" كان هذا عام مولد النبي عليه السلام، في نصف المحرم وولد عليه السلام، في شهر ربيع الأول فبين الفيل ومولده الشريف خمس وخمسون ليلة وهي سنة ستة آلاف ومائة وثلاث وستين من هبوط آدم على حكم التواريخ اليوننية المعتمدة عند المؤرخين وبين قصة الفيل والهجرة الشريفة النبوية ثلاث وخمسون سنة والمقصود من تذكير القصة إما تسلية النبي عليه السلام، بأنه سيجزى من يظلمه كما جزى من قصد الكعبة وإما تهديد الظلمة وتفصيلها أن ملك حمير وما حولها وهو يظلمه كما جزى من قصد الكعبة وإما تهديد الظلمة وتفصيلها أن ملك حمير وما حولها وهو ذو نواس اليهودي لما أحرق المؤمنين بنار الأخدود ذات الوقود على ما سبق في سورة البروج هرب رجل منهم إلى ملك الحبشة وهو أصحمة بن بحر النجاشي بتخفيف الياء الذي أسلم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأخبره بذلك وحرضه
٥١٠
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥١٠


الصفحة التالية
Icon