الخموش الخدوش وأكلا كميشاً أي سريعاً وفي "القاموس" فرشه يقرشه ويقرشه قطعه وجمعه من ههنا وههنا وضم بعضه إلى بعض ومنه قريش لتجمعهم إلى الحرم أو لأنهم كانوا يتقرشون البيعات فيشترونها أو لأن النضرابن كنانة اجتمع في ثوبه يوماً فقالوا تقرش أو لأنه جاء إلى قومه فقالوا كأنه جمل قريش أي شديد أو لأن قصضياً كان يقال له القريشي أو لأنهم كانوا يفتشون الحاج فسيدون خلتها أوسميت بمصغر القرش وهو دابة بحرية يخافها دواب البحر كلها أو سميت بقريش بن يخلد بن غالب بن فهر وكان صاحب عيرهم فكانموا يقولون قدمت عير قريش وخرجت عير قريش والنسبة قرشي وقريشي انتهى ﴿إِالَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَآءِ وَالصَّيْفِ﴾ بدل من لأول ورحلة مفعول به لإيلافهم وهي بالكسر الارتحال وبالضم الجهة التي يرحل إليها وأصل الرحلة السير على الراحلة وهي الناقة القوية ثم استعمل في كل سير وارتحال وإفرادها مع أنه أراد رحلتي الشتاء والصيف لأمن الألباس مع تناول اسم الجنس للواحد والكثير وفي إطلاق الإيلاف عن المفعول أولاً ثم إبدال المقيد منه تفخيم لأمره وتذكير لعظيم النعمة فيه والشتاء الفصل المقابل للصيف وفي "القاموس" الشتاء أحد أرباع الأزمنة والموضع المشتى والصيف القيظ أو بعد الربيع والقيظ صميم الصيف من طلوع الثريا إلى طلوع سهيل ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَاذَا الْبَيْتِ * الَّذِى أَطْعَمَهُم﴾ بسبب تينك الرحلتين اللتين تمكنوا منهما بواسطة كونهم من جيرانه وسكان حرمه وقيل بدعوة إبراهيم عليه السلام، يجيء إليه ثمرات كل شيء ﴿مِن جُوعٍ﴾ شديد كانوا فيه قبلهما وكان الجوع يصيبهم إلى إن جمعهم عمرو العلي وهو هاشم المذكور على الرحلتين قال أبو حيان من ههنا للتعليل أي لأجل الجوع وقال سعدى المفتي الجوع لا يجامع الإطعام والظاهر إنها للبدلية.
يقول الفقير الظاهر إن مآل المعنى نجاهم مكن الجوع بسب الإطعام والترزيق ﴿وَءَامَنَهُم مِّنْ خوْف﴾ عظيم لا يقادر قدره وهو خوف أصحاب الفيل أو خوف اتخطف في بلدهم ومسايرهم وقال صاحب الكشاف الفرق بين عن ومن أن عن يقتضي حصول جوع قد زال بالإطعام ومن يقتضى المنع من لحاق الجوع والمعنى أطعمهم فلم يلحقهم جوع وآمنهم فلم يلحقهم خوف فيكون من لابتداء الغاية والمعنى أطعمهم في بدء جوعهم قبل
٥٢٠
لحاقه إياهم وآمنهم في بدء خوفهم قبل اللحاق ومن بدع التفاسير وآمنهم من خوف من أن تكون الخلافة في غيرهم كما في "الكشاف" وعن أم هانىء بنت أبي طالب رضي الله عنها، قلت أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم فضل قريشاً أي ذكر تفضيلهم بسبع خاصل لم يعطها أحد قبلهم ولا يعطاها أح بعدهم النبوة فيهم والخلافة فيهم والحجابة للبيت فيهم والسقاية فيهم ونصروا على الفيل أي على أصحابه وعبدوا الله سبع سنين وفي لفظ عشر سنين لم يعبده أحد غيرهم ونزلت فيهم سورة من القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم لإيلاف قريش وتسمية لإيلاف قريش سورة يرد ما قيل إن سورة الفيل ولإيلاف قريش سورة واحدة فلينظر ما معنى عباتدهمدون غيرهم في تلك المدة.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥١٩
يقول الفقير اشار بقريش إلى النفس المشركة وقواها الظالمة الخاطئة الساكنة في البلد الإنساني الذي هو مكة الوجود وبالشتاء إلى القهر والجلال وبالصيف إلى الطف والجمال وأعني بالقهر والجلال العجز والضعف لأن المقهور عاجز ضعيف وباللطف والجمال القدرة والقوة لأن الملطوف به صاحب التمكين فأما عجز النفس وضعفها فعدن عدم مساعدة هواها وأما قوتها وقدرتها فعند وجود المساعدة فهي وصفاتها ترتحل عندا لعجز والضعف إلى بمن المعقولات لأنها في جانب يمين القلب وعند القوة والقدرة ترتحل إلى شأم المحسوسات لأنها في جانب شمال القلب الذي يلي الصد فهي تتقلب بين نعم المعقولات ونعم المحسوسات ولا تشكرها بأن تقر بوحدة الوجود ورسالة رسول القلب كالفلاسفة المتوغلة في المعقولات والفراعنة المنهمكة في الحسوسات ولذا قال تعالى :﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَاذَا الْبَيْتِ﴾ أي بيت القلب الذي هو الكعبة الحقيقية لأنها مطاف الواردات والإلهامات ومن ضرورة العبادة له الإقرار برسالة رسول الهدى الذي هو القلب فالبيت معظم مشرف مطلقاً لإضافة الرب إليه فما ظنك بعظمة الرب وجلاله وهيبته ورب القلب هو الاسم لجامع المحيط بجميع الأسماء والصفات وهو الاسم الأعظم الذي نيط به جميع التأثيرات العقلية والروحانية والعلمية والغيبية أمروا بأن يكونوا تحت هذا الاسم لا تحتب الأسماء الجزئية ليتخلصوا من الشرك ويتحققوا بسر وحدة الوجود فإن الأسماء الجزئية تعطي التقييد والاسم الكلي يعطي الإطلاق ومن ثمة بعث النبي عليه السلام، في أم البلاد إشارة إلى كليته وجمعيته وهذا الرب الجليل المفيض المعطي أزال عنهم جوع العلوم والفيوض وأطعمهم بها وآمنهم من خوف الهلاك من الجوع لأن نفس الجاهل كالميت ولا شك أن الإحياء يخافون من الموت هكذا ورد بطريق الإلهام من الله العلام.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥١٩


الصفحة التالية
Icon