فقام وأضاف إليهما ركعتين لكن سهوه عليه السلام فيما ذكر وفي غيره ليس كسهور سائر الخلق وأيهم مثله عليه السلام، وهو في الاستغراق والانجذاب دائماً وقد قال تنام عيناي ولا ينام قلبي وفيه إشارة إلى السهو عن شهود لطائف الصلاة والغفلة عن أسررها وعلومها وقرأ ابن مسعود رضي الله عنه لاهون مكان ساهون فعلى العاقل أن تفوته الصلاة التي هي من باب المعراج والمناجاة ولا يعبث فيها باللحية والثياب ولا يكثر والتثاؤب والالتفات ونحوهما ومن المصلين من لا يدري عن كم انصرف ولا ما قرأ من السورة ﴿الَّذِينَ هُمْ يُرَآءُونَ﴾ أي يرون الناس مالهم ليروهم الثناء عليها فإن قلت فحينئذٍ يلزم الجمع بين القحيقة والمجاز لأن الثناء لا يتعلق به الرؤية ابصرية قلت هو محمود على عموم المجاز أو عل جعل الآراءة من الرؤية بمعنى المعرفة قال في "الكشاف" والعمل الصالح إن كان فريضة فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها لقوله عليه السلام :"ولا غمة في فرائض الله لأنها أعلام الإسلام وشعائر ادين ولأن تاركها يستحق الذم والمقت" فوجب إماطة التهمة بالإظهار وإن كان تطوعاً فحقه أن يخفى لأنه مما لا يلام بتره ولا تهمة فيه وإن أظهره قاصداً للاقتداء فيه كان جميلاً وإنما الرياء أن يقصد أن تراه الأعين فتثنى عليه بالصلاح واجتناب الرياء صعب لأنه أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة المظلمة على المسح الأسود.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢١
كليد در دوزخست آن نماز
كه در شم مردم كزارى دراز
والفرق بين المرائي والمنافق إن المنافق يبطن الكفر ويظهر الإيمان والمرائي يظهر زيادة الخشوع وآثار الصلاح ليعتقد من يراه إنه من أهل الصلاح وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة وفيه إشارة إلى أن من يضيف أعماله وأحواله إلى نفسه الظلمانية فهو مراىء ﴿وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ﴾ من المعن وهو الشي القليل وسميت الزكاة ماعوناً لأنه يؤخذ من المال ربع العشر وهو قليل من كثير وقال أبو الليث : الماعون بلغة الحبشة المال وفي برهان القرآن قوله الذين هم ثم بعده الذين هم كرر ولم يقتصر على مرة واحدة لامتناع عطف الفعل على الاسم ولم يقل الذين هم يمنعون لأنه فعل فحسن العطف على الفعل وهذه دقيقة انتهى.
والمعنى ويمنعون الزكاة كما دل عليه ذكره عقيب الصلاة أو ما يتعور عادة فإن عدم المبالاة باليتيم والمسكين حيث كان من عدم الاعتقاد بالجزاء موجب للذم والتوبيخ فعدم المبالاة بالصلاة التي هي عماد الدين والرياء الذي هو شعبة من الكفر ومنع الزكاة التي هي قنطرة الإسلام وسوء المعامل مع الخلق ق بذلك وكم ترى من المتسمين بالإسلام بل من العلماء منهم من هو على هذه الصفة فيامصبتناه والمراد بما يتعاوره عادة أي يتداوله الناس بالعارية ويعين بعضهم بعضاً بإعارته هو مثل الفاس والقدر والدلو والأبرة والقصعة والغربال والقدوم والمقدحة والنار والماء والملح ومن ذلك أن يلتمس جارك أن يخبز في تنولك أو يضع متاعه عندك يوماً أو نصف يوم عن عائشة رضي الله عنها، إنها قالت يا رسول الله ما الذي لا يحل منعه قال الماء والنار والملح فقالت يا رسول الله هذا الماء فما بال النار والملح قال لها : يا حميراء من أعطى ناراً فكأنما
٥٢٣
تصدق بجميع ما طبخ بتلك النار ومن أعطى ملحاً فكأنما تصدق بجميع ما طيب بذلك الملح ومن سقى شربة من الماء حيث لا يوجد الماء فكأنما أحيى نفساً كما في "كشف الأسرار" وقد يكون منع هذه الأشياء محظوراً في الشريعة إذا استعيرت عن اضطرار وقبياً في المروءة في غير حال الضرورة وفي "عين المعاني" فلم منعوا من الكوثر ففي الآية الزجر عن البخل الذي هو صفة المنافقين.
جزء : ١٠ رقم الصفحة : ٥٢١